رؤية الخبراء

النظام القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة المحامي الإماراتي . عبد الله العوضي

 

وفقًا لدستور الإمارات العربية المتحدة، يُسمح لكل إمارة بإقامة نظام قضائي خاص بها، أو الاندماج مع نظام المحاكم الفيدرالي. فهو نظام مزدوج بطبيعته لأنه يحتوي على نظام محكمة اتحادية؛ حيث يضم محاكم ابتدائية (محكمة ابتدائية)، ومحاكم استئناف، ومحكمة نقض (المحكمة العليا)، ونظام آخر وهو نظام المحاكم المحلية؛ حيث يوجد نظام قضائي محلي في بعض الإمارات في الدولة، والتي تضم أيضا محاكم ابتدائية ومحاكم استئناف ونقض. تمتلك كل من إمارة دبي وأبو ظبي ورأس الخيمة محاكم خاصة بها، وهي تدار تحت نظام قضائي محلي خاص بكل منها.

 

وعلى عكس بريطانيا وغيرها من الدول التي تستخدم فيها الأحكام الصادرة كمبادئ في المحاكم بانتظام كسوابق قضائية، لا تعتمد الإمارات العربية المتحدة على الكثير من السوابق القضائية، على الرغم من أنه في بعض الأحيان يمكن تطبيق أحكام المحاكم العليا في المحاكم الأدنى في قضايا مماثلة.

وفي حالة عدم تغطية النصوص التشريعية لمسألة معينة، فإن المحاكم عادة تتخذ قرارًا وفقًا للشريعة الإسلامية، فبناء وتفسير قانون الإمارات العربية المتحدة يعتمد على الفقه الإسلامي.

ويتبع النظام القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة مبدأ أساسياً وهو "العدالة هي أساس السلطة"، والذي كرسه دستور الإمارات العربية المتحدة، ودخل حيز التنفيذ في 2 ديسمبر 1971، وفقاً لنص المادة 94 منه.

وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي تتبع أساسًا القانون المدني الذي يعتمد في المقام الأول على القوانين الرومانية والفرنسية والمصرية. ومع ذلك، فإن المصدر الرئيس للقانون الإماراتي هو الشريعة الإسلامية؛ فالقانون الدولي هو مصدر آخر للقانون الإماراتي، وذلك بما يتوافق مع التزامات دولة الإمارات العربية المتحدة الموقعة عليها ضمن الاتفاقيات الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة خبرة وتجارب مع محاكم القانون العام. وأخذاً في الاعتبار الوافدين من جميع أنحاء العالم الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة؛ كان من الضروري إنشاء محاكم أخرى بأنظمة مختلفة مثل محاكم مركز دبي المالي العالمي ومحاكم سوق أبوظبي العالمي.

محاكم مركز دبي المالي العالمي هي هيئة قضائية مستقلة تعمل باللغة الإنجليزية، ولديها اختصاص قضائي يحكم النزاعات المدنية والتجارية على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية، وبدأت نشاطها القضائي في الدولة منذ عام 2006.

في البداية اقتصر اختصاص محاكم مركز دبي المالي العالمي على النطاق الجغرافي لمركز دبي المالي العالمي. وفي أكتوبر 2011، سمح لمحاكم مركز دبي المالي العالمي بأن تكون مختصة بنظر أي قضايا محلية أو دولية وحل النزاعات التجارية حال موافقة أطراف النزاع.

تم تأسيس محاكم سوق أبوظبي العالمي وفقًا لقانون صادر عن حكومة أبوظبي رقم (4) لسنة 2013، وهي محاكم على غرار المحاكم القضائية البريطانية وتطبق مبادئها على نطاق واسع؛ فهي تطبق القانون العام السائد في بريطانيا، بما في ذلك مبادئ وقواعد الإنصاف، والتي تشكل جزءًا من منظومة قانون سوق أبوظبي العالمي. كما تم وضع اللوائح الخاصة بمحاكم سوق أبوظبي العالمي وفق قواعد مستمدة من القانون الاسكتلندي والقانون الفيدرالي الأسترالي، وتم تصميمها خصيصًا لتلبية متطلبات محاكم سوق أبوظبي العالمي. إن التطبيق المباشر للقانون البريطاني يجعل محاكم سوق أبوظبي العالمي أول سلطة قضائية في الشرق الأوسط تتبنى مقاربة مماثلة لتلك المتبعة في سنغافورة وهونج كونج.

 

الحضور القضائي الإلكتروني

تهدف وزارة العدل في الإمارات العربية المتحدة إلى تسريع إنجاز الدعاوى أمام المحاكم، وفي سبيل ذلك قامت بتحويل 95% من خدماتها إلى خدمات إلكترونية.

بعض هذه الخدمات يشمل تتبع الحالة للقضايا وسيرها، والتي تمكن المتقاضين من عرض وتتبع الجلسات ومحاضرها عبر الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل النظام القضائي في الإمارات على محركات للبحث عن بيانات المحامين، وخدمات كاتب العدل الإلكترونية، ونظام قيد الدعاوى إلكترونيا، والبحث عن خدمات المسؤولين المفوضين من المحكمة، الذين يبرمون عقود الزواج خارج مبنى المحكمة.

ويساعد نظام إدارة الدعاوى الإلكتروني المتقاضين على تقديم المستندات إلكترونيًا، وهو ما يسهم في تقليص التأخير في الفصل في قضايا المحاكم وتحسين الكفاءة من خلال جعل المعلومات في متناول جميع الأطراف.

علاوة على ذلك، أطلقت وزارة العدل الإماراتية منصة التشريعات (باللغتين العربية والإنجليزية) التي تحتوي على جميع النصوص القانونية العامة المنشورة في الجريدة الرسمية منذ إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971. كما تتيح الخدمة الوصول إلى:

•         التشريعات الإماراتية (باللغة العربية)

•         التشريعات الإماراتية (باللغة الإنكليزية)

•         قرارات محكمة الإمارات العربية المتحدة العليا (المدنية والجنائية)

•         مشاورات قسم الاستشارات (الفتوى) وتشريعات وزارة العدل

•         المعاهدات الدولية الموقعة والمصدق عليها من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة مصنفة حسب الدول والمواضيع.

كما تبنت بعض الدوائر القضائية المحلية في الإمارات أيضًا الخدمات الإلكترونية للمتقاضين والمهنيين القانونيين للحصول على معلومات حول جميع القضايا والإجراءات.

ومؤخرا، صار بإمكان المتهمين مؤخرًا في القضايا الجنائية في إمارة دبي المثول أمام المحكمة، عبر تطبيق سكايب الإلكتروني. حيث أطلقت إدارة التحقيق الجنائي بشرطة إمارة دبي غرفة "محاكمة عن بُعد" وقاعات محكمة افتراضية تشهد محاكمة المتهمين عبر جلسات عبر الفيديو أثناء وجودهم داخل المرافق الإصلاحية.

ووفقًا لإفادات الشرطة في دبي، فالنظام الذكي الجديد يهدف إلى تبني الخدمات الرقمية في النظام القضائي وتسريع المحاكمات. كما ساعد نظام المحاكمة عن بُعد في خفض عدد الإجراءات القضائية من سبعة إلى ثلاثة إجراءات فقط. كما يسمح النظام للنيابة العامة بإجراء التحقيقات من خلال مكالمات هاتفية بدلاً من اللجوء إلى ملفات القضايا الورقية.

لجان تسوية المنازعات

قبل رفع القضية، سواء كانت مدنية أو عمالية أو شخصية، يسهل نظام المحاكم في الإمارات العربية المتحدة الوساطة لحل المنازعات من خلال لجان تسوية، تشمل:

•         لجان فض المنازعات التجارية.

•         لجان التوجيه الأسري.

•         لجان التسوية والمصالحة.

•         لجان تسوية المنازعات الإيجارية.

•         لجان فض المنازعات العمالية.

تهدف هذه اللجان إلى حل النزاعات التجارية أو العمالية أو الإيجارية أو المتعلقة بالأحوال الشخصية للمتقاضين وديا وتخفيف عبء الرسوم القضائية. وحال لم تكن التسوية الودية ممكنة، فيمكن للطرف المتقاضي التقدم بطلب للحصول على خطاب "عدم ممانعة" من لجنة التسوية ذات الصلة، يمكّنه من تقديم بيان بالمطالبة إلى المحكمة المختصة. ثم، يتم رفع القضية إلى القاضي في المحكمة الابتدائية المعنية للفصل فيها بعد تعذر التسوية. وقد ساهمت هذه اللجان في الواقع ولعبت دوراً رئيسا ومهما في حل العديد من النزاعات ودياً، كما ساهمت في تخفيف الضغط عن المحاكم في كم القضايا المعروضة عليها، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالمطالبات الصغيرة؛ فقد كان لهذه اللجان بالغ الأثر.

نظام إدارة الدعوى

افتتحت محاكم الإمارات العربية المتحدة قسما مختصا في مهام إعداد الدعاوى وإدارتها، إلى جانب إطلاق نظام اتصالات الفيديو لمواكبة التطورات من خلال إنشاء قنوات ذكية تقدم خدمات سهلة للمتقاضين.

ويعد قسم إدارة الدعاوى الآن جزءًا رئيسا من الجهود التي تبذلها محاكم الإمارات العربية المتحدة لتقديم خدمات ميسرة للمتقاضين، وفقًا لأعلى المعايير.

في حين أن قسم إدارة القضايا يسهل على الخصوم اتباع إجراءاتهم القضائية من خلال مكاتب إدارة الدعاوى دون الحاجة إلى الحضور والمراجعة شخصياً.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن نظام إدارة الدعاوى يعتبر مؤشرًا إيجابيًا ومحفزًا لتوفير مزيد من العمل والجهد. كما أنه يمثل تحولاً في الخدمات للأفضل، ويقوم بتقديم خدمات متطورة تقنيا لتعزيز الوعي حول العوامل الرئيسة التي تؤثر على بناء ثقافة السعادة ونوعية الحياة للأفراد في ظل التطور التقني الذي نشهده.

هذا النظام -إدارة الدعاوى- خلق منظومة  متخصصة لإعداد وتحضير الدعاوى أمام المكاتب المختصة داخل المحاكم لمراجعتها وتحضيرها قبل أن تعرض على القضاة للفصل فيها. وهو إضافة مهمة في أعمال التقاضي؛ نظرًا لأن إدارة الدعاوى تعتبر الآن واحدة من الإدارات الرئيسة في نظام المحاكم والتي تباشر مهامها بما يدعم إجراءات ومبادئ العدالة وإعمالها وتطبيقها على أرض الواقع، كما أنه يقدم خدماته للمتقاضين ضمن منهجية فنية واضحة.

تتولى مكاتب إدارة الدعاوى مهاما أساسية أهمها تقدير واستيفاء الرسوم المقررة وفق القانون، والقيد في السجل الخاص بحسب الأحوال، وتحرير الإعلان حسب الأصول وتسليمه إلى الجهة المنوط بها تنفيذه مع إرفاق صحيفة الدعوى وأي مستندات مقدمة، وتكليف المدعى عليه بتقديم مذكرة جوابية على الدعوى مرفقاً بها كافة المستندات، كما تتولى دعوة الخصوم واستكمال البيانات والمستندات وتقارير الخبرة والمذكرات. كما تقوم الإدارة بمعاونة السادة قضاة المحاكم بجميع مراحل التقاضي بدءاً من استلام ملفات الدعاوى من قسم الخدمات المركزية حتى تحضير ملف الدعوى للمحكمة المختصة. وتتولى الإدارة مجموعة من المهام، منها: متابعة القرارات المكلفة من رؤساء المحاكم وتعميمها على جميع موظفي المحاكم، ومتابعة وتنفيذ طلبات واحتياجات رؤساء المحاكم، ومتابعة طلبات إدارة التفتيش القضائي والتنسيق مع السادة القضاة والجهات ذات الاختصاص لتنفيذها، وتلبية طلباتهم الإدارية والنظر في شكاواهم وضمان تعامل الموظفين معهم والرد على أسئلتهم واستفساراتهم.

مواضيع مرتبطة