رؤية الخبراء

معًا يمكننا إيقاف انتهاكات العنف والتحرش القائمين على النوع الاجتماعي (GBVH) والقضاء عليهما خبيرة علاقات . باولا كوينسي

من بين كل ستة رجال أو ثلاث سيدات يتعرض شخص للعنف الجنسي في حياته، بل وإن من بين كل تسعة رجال أو أربع سيدات يعانون نفس العنف ولكن من الشريك الحميم.

منذ بداية جائحة الكورونا كان هناك ارتفاع عالمي في إحصاءات العنف القائم على النوع الاجتماعي:

  • أبلغت فرنسا عن زيادة بنسبة 30% في حالات العنف المنزلي منذ 17 مارس.

  • أبلغت قبرص وسنغافورة عن زيادة في مكالمات خطوط طلب المساعدات بنسبة 30% - 33%.

  • شهدت الأرجنتين زيادة في مكالمات الطوارئ لمكافحة العنف المنزلي بنسبة 25%.

  • أبلغت سلطات كندا وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن تقارير متزايدة عن العنف المنزلي والحاجة إلى ملاجئ آمنة

(المصدر: هيئة الأمم المتحدة للمرأة 2020)

أما في جنوب أفريقيا، فقد تخطت نسبة ضحايا العنف المنزلي النسب العالمية للحوادث المشابهة حيث تقع واحدة من بين خمس سيدات ضحية للعنف المنزلي.

وفقًا لدراسة أجرتها KPMG عام 2014، فإن العنف القائم على النوع الاجتماعي يكلف جنوب إفريقيا ما بين 28.4 مليار راند و 42.4 مليار راند سنويًا – أو ما بين 0.9٪ و 1.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، ومن المؤسف أن ذلك التقدير يوازي التقديرات العالمية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

لكي نتمكن من التعامل مع الانتهاكات والقضاء عليها، فلابد من أن نتبنى نهجًا شاملاً يتم دعمه من المنزل ومن قبل الحكومات والمنظمات، ويجب أن يتم معالجة الأمر والتحقيق فيه مع الجناة والضحايا على حد سواء.

فإذا لم يكن هناك مرتكبون، فلن يكون لدينا ضحايا، ولكن غالبًا ما يتم وضع المسؤولية على عاتق المجني عليه لتغيير موقفه، وعلى الجانب الآخر، فإن المساءلة قد يتم تهميشها في طرف الجاني.

إن العنف القائم على النوع الاجتماعي يحدث يوميًا في منازلنا ومجتمعاتنا وأعمالنا، سواء أردنا الاعتراف بذلك أم لا، ولم يعد بإمكاننا تجاهل هذا القاتل الصامت، بل والعنيف في كثير من الأحيان، كما لا يمكننا تجاهل الدمار الذي يسببه للأفراد والأسر والمجتمعات.

المؤسف في العنف القائم على النوع الاجتماعي هو أنه غالبًا ما يتم ربطه بالعنف الجسدي أو الاغتصاب فقط، ونادرًا ما يتم التحدث عن الأشكال الأخرى للإساءة التي أصبحت منتشرة مثل:

  • الإهانة النفسية.

  • الإهانة اللفظية.

  • الإهانة العاطفية.

  • الإهانة المالية والاقتصادية.

غالبًا ما يرتبط العنف القائم على النوع الاجتماعي أيضًا بإساءة معاملة الذكور للإناث، في حين يقل الحديث عن إساءة معاملة الإناث للذكور، وإساءة معاملة المثليين، والاتجار بالبشر والتحرش الجنسي الذي يحدث في المنازل والمجتمعات والمنظمات.

إذا أردنا القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، فنحن بحاجة إلى معالجة ذلك العنف عبر السلسلة بكاملها والتي تشمل الرجال والنساء والمثليين والأطفال، إذا أردنا القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، فنحن بحاجة إلى الاهتمام بالأمر مع الضحايا والجناة على قدم حد سواء، فكلاهما فرد في مجتمعاتنا، إذا لم يكن هناك مرتكبون، فلن يكون هناك ضحايا.

تشير بعض الأبحاث إلى أن الوصول إلى ضحية يُعترف بوقوع العنف ضدها قد يسبقها ما يقرب من 38 حالة من العنف التي لا يتم الإبلاغ عنها، لذا؛ وعلى الرغم من أنها قد تكشف عن وضعها، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستترك ذلك الوضع أو حتى مرتكبها، وإلى حد كبير؛ يرجع ذلك إلى وصمة العار المرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والخوف من تداعيات التحدث علانية.

لا أحد يستحق أن تُساء معاملته، وأي شكل من أشكال الانتهاك غير مقبول ويتعارض مع حقوقنا الدستورية وحقوق الإنسان التي تتمثل في:

  • الحق في الحياة

  •  الحق في الأمن الشخصي

  •  الحق في السلامة الجسدية والبدنية.

  •  الحق في الحماية المتساوية بموجب القانون.

  •  الحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من طرق المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

عندما يتعرض شخص لشكل من أشكال الإساءة أو الأذى، فإنه غالبًا لا يطلب المساعدة بسبب وصمة العار المرتبطة بالموقف، كما يمكن أن تكون هناك أيضًا عوامل تاريخية تسهم في عدم طلب المساعدة مثل المحاولات المحتملة السابقة التي لم تثمر عن أي فائدة، أو العوامل المجتمعية التي غالبًا ما تترك الضحايا بخيبة أمل، ومن ذلك:

  •  عدم الثقة بالنظام القضائي

  • عدم الوعي بالقوانين التي تحمي الضحايا.

  • عدم دراية الضحايا بحقوقهم.

  • الخوف من تداعيات طلب المساعدة في المنزل والعمل والمجتمع.

عبء إخفاء السر يمكن أن يؤثر بشدة على الضحية ويؤدي إلى زيادة القلق والاكتئاب وأعراض سوء الحالة الصحية وتطور أسرع للأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم وما إلى ذلك.

لذا لابد أن تتضح الأمور بشأن الأدوار والمسؤوليات التي يجب أن تتبناها أطراف المشكلة الثلاثة (البيت، العمل، الحكومة)، ولابد أن نتحدث ونشارك بفعالية وأن ننخرط بقوة في حل تلك المشكلة لكي تكون التغييرات مستدامة على المدى الطويل.

إذن، ماذا يعنى هذا بالتحديد؟

في البيت:

يحدد الآباء التناغم الذي تعمل وتزدهر الأسرة من خلاله وهو يتمثل في الثقافة والقيم، فالبيت هو المكان الذي نكبر فيه نحن كأطفال، ونكتشف ما هو مقبول وما هو غير مقبول من السلوكيات والقوالب النمطية الجنسية.

وهنا تلعب وصمة العار المرتبطة بطلب المساعدة والتوقعات المجتمعية والأدوار التقليدية للجنسين دورًا في عدم إفصاح الضحايا عما يمرون به، ففي حالة الرجال على سبيل المثال، فإن مفهوم "الرجولة" التي يفترض فيها القوة والمسؤولية سوف يفترض أن طلبها للمساعدة بمثابة نقطة ضعف، وبناءً على ذلك عندما يضغط الرجل على نفسه لكي يظل في صورته القوية، فإن هذا من شأنه منعه من الانفتاح، كما يمكن أن يتسبب أيضًا في مشاكل الصحة العقلية وتفاقمها مما قد يوصل إلى مخاطر أكبر تصل إلى مرحلة الانتحار.

يقوم الأطفال بتقليد سلوك من يراهم أمامه ويبدأ بمقدمي الرعاية الأساسيين وهو ما يصبح بعد ذلك قاعدة أساسية لهم، فنحن نتعلم عن أدوار الجنسين، وكيفية الاستجابة والرد على ما يتم الاعتراف به وما الذي يُعاقب عليه من ذلك، وما هي العواقب على تصرفاتنا وسلوكنا.

نحن بحاجة إلى تعليم بناتنا وأبنائنا ما هو السلوك المقبول وغير المقبول من خلال وعي وإدراك سلوكنا الخاص والأمثلة التي نضعها لأطفالنا كأدوار يعبرون فيها عن أنفسهم جنسيا، وذلك في عائلاتنا وفي مجتمعاتنا.

في مكان العمل:

يتم تشريع التحرش الجنسي بموجب قانون مساواة الموظفين، كما يوفر تشريعًا للممارسات الجيدة في التعامل مع قضايا التحرش الجنسي وذلك من أجل القضاء على العنف والتحرش في مكان العمل، ينص قانون الصحة والسلامة المهنية على واجب أرباب العمل في توفير بيئة عمل آمنة للموظفين.

لذا يلتزم أصحاب العمل بتطبيق سياسات وإجراءات التحرش الجنسي، وإبلاغ هذه المعلومات للموظفين (أي التدريب على ماهية التحرش الجنسي وما هي سياسات وبروتوكولات وإجراءات الشركة).

إذا لم يمتثل أصحاب العمل للتشريعات، فإنهم يخاطرون بعدم الامتثال ويمكن أن يتحملوا المسؤولية (قضية التحرش الجنسي التي بلغت 4 ملايين راند).

انتقل التحرش الجنسي من خلال العيش في عالم عمل افتراضي من المكتب إلى الإنترنت، وأصبح الآن المنزل هو مكان العمل، تزامنا مع ذلك بدأ يدرك أرباب العمل أن بعض الموظفين ليسوا آمنين في العمل من المنزل لأنهم أصبحوا بين يد الجاني.

يحتاج القادة إلى التأكد من إجراء تدريب بشكل دوري ومنتظم للتوعية بالتحرش الجنسي لتعزيز موقفهم بشأن هذه القضية والسياسات والبروتوكولات الموجودة لديهم وليس فقط كتمرين سنوي واجب التنفيذ.

نحتاج كذلك إلى تعليم الموظفين ما هو السلوك المقبول وغير المقبول من خلال وعي وإدراك الرسائل التي يتم نقلها إلى الموظفين على أساس منتظم ومحاسبة القادة والموظفين على سلوكهم.

دور الحكومة:

تحتاج الحكومة إلى أن تكون قدوة في معالجة هذا الوباء التاريخي المستمر من خلال تخصيص الموارد والخبرات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة على مستوى المجتمع، وعلى مستوى القطاع العام، وفي السياسات، ومقترحات القوانين والقوانين الخاصة والشاملة على جميع مستويات الأجناس، أي الرجال والنساء والأطفال والمثليين، وكذلك معالجة جميع أشكال الإساءة (الجسدية والجنسية والعقلية واللفظية والنفسية والمالية).

(تمتلك جنوب إفريقيا أعلى إحصائيات اغتصاب في العالم)

الإساءة سلوك مكتسب، أي أن المعتدي يختار سلوك الإساءة بإرادته وليس فطرة فيه، وبناء على ذلك يمكن تغيير السلوك إذا كان المعتدي على استعداد لتحمل المسؤولية عن سلوكه وإجراء تغييرات مستدامة.

غالبًا ما يكون السبب الكامن وراء العنف هو الغضب، والعنف هو الطريقة الوحيدة التي يتمكن بها المعتدون من التنفيس عن غضبهم (التعبير عنه في صورة اعتداء)، ولكن ما يكمن وراء الغضب غالبًا هو صدمة سابقة، وجرح وألم لم يتم علاجهما فيما مضى، وهذا ما نحتاجه للتعامل مع المشكلة من خلال العلاج والتأهيل ثم الشفاء.

لم يعد بإمكاننا إرسال المعتدين إلى فصول إدارة الغضب بينما يخشى الضحايا على سلامتهم ويصارعون الآثار طويلة المدى لصدماتهم، لذا يجب أن تتحمل الحكومة مسؤولية توفير التمويل اللازم وهياكل الدعم والتسهيلات لمساعدة كل من الضحايا والجناة.

نحن أقوى معًا، ويمكننا القضاء على جرائم الإساءة إذا كنا حقاً نريد ذلك، ولكن، سيتطلب الأمر شجاعة للوقوف يدا واحدة وأن نقول لتلك الجرائم قد طفح الكيل، وهذا يحتاج إلى وقفة من طرف كل منا بأن يكون مواطنًا نشطًا وأن نضع حد لهذا الوباء المستمر الذي يؤثر علينا جميعا.

ماذا سيكون خيارك؟

مواضيع مرتبطة