أحكام قضائية

احترس من التمساح . برافين بارثي

قد تلجأ بعض سلاسل المتاجر الكبيرة للبيع بالتجزئة إلى الاستفادة والتربح من وراء خلق رابط ما بين علاماتها التجارية وعلامات تجارية أخرى مشهورة وذائعة الصيت، ولكن محاكم هولندا كان لها رأي آخر أثبت فشل مثل هذا التوجه.

أحد سلاسل متاجر البيع بالتجزئة المنتشرة في هولندا وتدعى "هيما"، أطلقت في عام 2018 مجموعات جديدة من ملابس الأطفال تحمل شعارات وزخارف على هيئة تماسيح باصدارين مختلفين الأول عبارة عن قميص أزرق اللون عليه شعار أو رمز على هيئة تمساح (أدنى الجهة اليمنى)، والإصدار الثاني عبارة عن قميص رمادي عليه وفرة من زخارف على هيئة تماسيح كثيرة (على الجهة اليسرى).

وقد ابتدعت شركة أزياء لاكوست شعار التمساح على أزيائها قبل مدة ليست بالقصيرة، ولها علامة تجارية مسجلة بالاتحاد الأوروبي بهذا الشعار كما ادعت لاكوست أن الإصدار الأول من شعار التمساح المنفرد المطبوع على منتجات "هيما" يتشابه إلى حد كبير مع العلامة التجارية لشركة لاكوست (تمساح أخضر اللون له فكين كبيرين مفتوحين على وشك أن ينطبقا) – وذلك على الرغم من مظهره الطفولي المبهج. 

وحيث إن شركة لاكوست قد سجلت علامتها التجارية التمساح في الفئة 25 – تلك التي تظهر على أزيائها – في الاتحاد الأوروبي و بينيلوكس، فقد رفعت قضية على سلسة متاجر "هيما" بسبب تعديها على العلامة التجارية، واستندت لاكوست في دعواها إلى تلك المادة بقانون تسجيل العلامات التجارية المعمول به في الاتحاد الأوروبي والتي تتناول التشابه في العلامات التجارية والبضائع والخدمات وما قد ينتج عن ذلك من تضارب أو خلط، كذلك استندت لاكوست في ادعائها إلى المادة التي تتناول التشابه في العلامات التجارية لبضائع وخدمات غير متشابهة، وتسري أحكام هذه المادة في حال كانت العلامة المسجلة ذات سمعة وشهرة وكان المتعدي يستفيد بدون وجه حق متعمدا من الطبيعة المتميزة أو السمعة الذائعة للعلامة التجارية المسجلة.

قضت محكمة الدرجة الأولى في لاهاي بعدم تحقق المخالفة والتعدي على العلامة التجارية، وذلك بشأن التماسيح المتعددة على القميص الرمادي (الإصدار الثاني)، حيث استقر في ضمير المحكمة أن هذه التماسيح عبارة عن مجرد زينة وليست علامة تجارية، وقد ذهبت المحكمة في هذا الشأن إلى أن العين لا تنجذب إلى تمساح منفرد ولكن "إلى بحر من التماسيح"، كما أنه – وفقا لحيثيات المحكمة – من الشائع استخدام زخارف ورموز وشعارات على هيئة حيوانات في ملابس الأطفال، أما بالنسبة للمنتج الذي يحمل شعار التمساح المنفرد (الإصدار الأول) قررت المحكمة عدم قيام التعارض أو الخلط مع العلامة التجارية المسجلة لشركة لاكوست لأن ذلك القميص كان يباع في عبوة واحدة مع القميص الرمادي (الإصدار الثاني).

وبما أن دراسات السوق ذات دور بارز لا سيما في مثل هذه القضايا، فقد قدمت الشركة المدعية دراسة سوقية استقصائية مفادها أن الناس قد اختلط عليهم الأمر بين التمساح على منتجات سلسلة متاجر "هيما" وبين العلامة التجارية لشركة لاكوست، وقد رفضت المحكمة تبني هذه الدراسة كدليل معتبر لأنها احتوت على أسئلة إيحائية تقود المتلقي إلى إجابة بعينها، كما أن المحكمة قد انتقدت الدراسة بسبب أن توجيه أسئلة الدراسة إلى الأطفال في حين أن المحكمة ارتأت أن أولياء أمور الأطفال هم الأشخاص المعنيين بهذه الدراسة.

أحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف، وفي عام 2020 ألغت محكمة الاستئناف الحكم السابق لمحكمة الدرجة الأولى، وقضت بقيام التعدي على العلامة التجارية المسجلة، وقبلت محكمة الاستئناف الدراسة السوقية كدليل سائغ، حيث إن الدراسة أثبتت أن 30% من العينة التي شملتها الدراسة شعروا أن مصدر منتجات سلسلة متاجر "هيما" (التي تحمل علامة التمساح المنفرد والتماسيح المتعددة) هو شركة لاكوست، هذا بالرغم من الاختلاف بين شكل التماسيح لدى الشركتين، وحكمت المحكمة على سلسلة متاجر "هيما" بسداد المصروفات القانونية بقيمة 31000 يورو.

وتشير التقارير إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها مقاضاة سلسلة متاجر "هيما" لتعديها على علامات تجارية مشهورة، حيث خسرت سلسلة متاجر "هيما" قبل ذلك قضية بشأن علامة تجارية تتشابه مع العلامة التجارية "ليفايز" حيث حكمت المحكمة على "هيما" بدفع التعويض بقيمة 4.4 مليون يورو، وكذلك رفعت إحدى شركات صناعة النبيذ قضية على "هيما" بسبب استخدامها لشعار زهرة التيوليب.

بطبيعة الحال يجب على سلاسل متاجر مبيعات التجزئة الاستفادة من مثل هذه الوقائع، فبطبيعة الحال إن بيع منتجات تحمل علامات تجارية تشابه علامات تجارية مشهورة على أمل رفع قيمة المنتج المُقلد لأمر مُغرِ، ولكن الأمر ينطوي على مخاطر جمة، وعلى الشركات الأفريقية أن تتوخى الحذر وتستقصي الاستشارات القانونية قبل الإقدام على مثل هذا الأمر.

كما تجدر الإشارة إلى أنه – وعلى الرغم من قبول محكمة الاستئناف لدراسة السوق كدليل في هذه الحالة – إلا أن دراسات السوق الاستقصائية لا تحظى بالقبول في معظم الأحوال بسبب القصور الذي قد يشوبها، فهذا الأمر يجب دراسته بعناية قبل اتخاذ القرار بالتقاضي.

مواضيع مرتبطة