رؤية الخبراء

كيف السبيل إلى بر الأمان وسط هذه الأمواج المتلاطمة؟ . أران داولنغ هاسي

ربما يؤدي خروج المملكة المتحدة من الإتحادِ الأوروبي في الحادي والثلاثين من يناير 2020  إلى حالة من القلق لدى الشركات الكويتية (والأفراد) أصحاب الأنشطة التجارية والإستثمارية، أو من يرغبون منهم في الاستثمار أو ممارسة الأنشطة التجارية في القارة العجوز، كما أنه لا يزال هناك درجة كبيرة من عدم اليقين بشأن الوضع الاقتصادي والإطار القانوني الذي سيأتي في أعقاب هذه الخُطوة، يأتي ذلك متزامنًا مع سعي حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اعتبارًا من أكتوبر 2020 التفاوض بشأن العلاقة التجارية المستقبلية للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي. شهدت الفترة الانتقالية الممتدة حتى نهاية ديسمبر 2020 تعثر المفاوضات بين الجانبين وعدم إحراز أي تقدم إلى ما بات معروفًا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. قد يستفيد الأفراد والشركات الكويتية في حالات معينة من ممارسة الأنشطة التجارية / الاستثمار في إحدى الدول الأعضاء الأخرى الناطقة باللغة الإنجليزية في الاتحاد الأوروبي، وقد يكون من الأفضل بالنسبة للبعض تجنب حالة عدم اليقين الحالية في المملكة المتحدة.

يُفترض أنه في ضوء الشواهد التالية واعتبارًا من منتصف عام 2021، سيكون وضع السفر الدولي مشابهًا إلى حد كبير لما كان سائدًا عند بدء  جائحة كوفيد 19 أي قبل مارس 2020. حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، وكما هو الحال في العديد من البلدان حول العالم، سيتعين على أي شخص يسافر إلى أيرلندا (بما في ذلك المواطنون الكويتيون) أن يوضع بالعزل لمدة أربعة عشر يومًا من تاريخ الوصول. كما أن الملاحظات الواردة أدناه تستشرف الوقت المأمول فيه إزالة معظم القيود الحالية، إلا أن هذا الأمر أصبح شائعًا في جميع أنحاء العالم. طبقت معظم المهن والشركات في جمهورية أيرلندا استخدام المنصات الإلكترونية، وبالتالي يمكن أن تستفيد منطقة الخليج من الإنترنت أكثر من أي وقت مضى، وستسعد بذلك العديد من الشركات والأفراد الأيرلنديين بمناقشة المشكلات الأولية عبر البريد الإلكتروني أو من خلال استخدام منصة مؤتمرات فيديو مشتركة.

يضم الاتحاد الأوروبي بين أعضائه دولتان تتحدثان الإنجليزية، جمهورية أيرلندا  وجمهورية مالطالايتناول هذا المقال المميزات التي تتمتع بها دولة مالطا. أما بالنسبة لجمهورية أيرلندا  فهي دولة محايدة ناطقة باللغة الإنجليزية وخاضعة للقانون المشترك وعضو في الاتحاد الأوروبي ("EU")، ومجلس أوروبا، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ("OECD") والأمم المتحدة، وهي دولة جمهورية ديمقراطية برلمانية بعدد سكان أقل بقليل من خمسة ملايين نسمة. تولى مقاليد السلطة في البلاد خمس حكومات على مدار العشرين عامًا الماضية جمعيها كانت حكومات ائتلافية، إلا أنها استمرت لعدة سنوات وتشكلت بسرعة نسبيًا وفقًا للمعايير التي تحكم تشكيل الحكومات في أوروبا 

تتمتع جمهورية أيرلندا بخدمات اتصالات ووسائل نقل جيدة، ولاتوجد رحلات طيران مباشرة من أيرلندا إلى مدينة الكويت حتى تاريخه، إلا أن رحلات الخطوط الجوية الكويتية توقفت في مطار شانون، مدينة نيويورك، غرب أيرلندا في الفترة من 2016 إلى 2019، ومع ذلك، توجد مسارات ثابتة من دبي و / أو أبو ظبي إلى دبلن، حيث تستغرق الرحلة الأولى أقل بقليل من ساعتين بالطائرة من مدينة الكويت. بدلاً من ذلك، فإن أي شخص يسافر من الكويت إلى لندن ويرغب بعدها في الذهاب إلى دبلن، يصبح لديه حرية الاختيار بين مجموعة كبيرة من وسائل الانتقال المتوفرة بمطارات لندن، بينما تستغرق الرحلة الأخيرة إلى جمهورية أيرلندا حوالي 45 دقيقة، فضلًا عن أنه يمكنك مراجعة موقع وزارة الخارجية الأيرلندية للاطلاع على تفاصيل طريقة التقدم بطلب للحصول على تأشيرة زيارة لأيرلندا.

تنخفض تكلفة المعيشة في دبلن والمدن الأيرلندية الأخرى عن مثيلاتها في لندن، ويقل عدد سكانها قليلًا عن 1.5 مليون نسمة بينما سكان لندن أكبر بستة أضعاف. في مدينة يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة داخل بلد يبلغ عدد سكانه 5 ملايين، تنخفض النفقات أقل من تلك السائدة في الجار الأكبر الذي يبلغ حجمه ثلاثة عشر ضعف مساحة جمهورية إيرلندا، فتجد رسوم الاستشارات المهنية ليست مرتفعة كما هو الحال في لندن. بينما النفقات الأخرى تساوي أو تزيد عن تلك السائدة في لندن. يعتمد الانفاق على الظروف ووفورات الإنفاق الخاصة التي يمكن تحقيقها في هذا البلد الأصغر، وكمثال على ذلك، يبلغ متوسط سعر منزل في لندن في نهاية عام 2020 650.000 جنيه استرليني (قرابة 260.000 دينار كويتي)، بينما في دبلن يبلغ  نصف هذا السعر تقريبًا بحيث يصل إلى 330.000 جنيه استرليني (قرابة 130.000 دينار كويتي). 

دولة أيرلندا هي جمهورية ديمقراطية برلمانية راسخة ومتطورة تقع في أوروبا الغربية وتعد قاعدة جيدة للاستثمار في منطقة الاتحاد الأوروبي. يتحتم على أي فرد أو جهة ترغب في الاستثمار في بلد آخر أن تدرك خطورة احتمالية التورط في النزاعات. كما يتمتع النظام القضائي في البلاد بالاستقلاليه والشفافيه فضلًا عن سمعته الدولية الجيدة. تتولى محكمة دبلن التجارية للأمور المستعجلة التعامل مع النزاعات التجارية التي تزيد قيمتها على مليون يورو (قرابة 360.000 دينار كويتي)، حيث تتعامل المحكمة وفقًا لإجراءات صارمة في إدارة القضايا وتعزيز الوساطة الأمر الذي بدره يؤدي إلى حل معظم النزاعات في فترة تتراوح من ثلاثة إلى أربعة شهور، ولدى جمهورية أيرلندا إطار عمل راسخ يشجع الحل البديل للنزاعات، كما تروج العديد من هيئات تسوية المنازعات بالطرق البديلة لتبني الإجراءات والتدابير الفردية على غرار التحكيم والوساطة والفصل في عقود الإنشاءات مؤخرًا، وتعمل هذه الهيئات، مثل المعهد القانوني للمحكمين فرع أيرلندا ("CIArb")، على تعزيز أساليب تسوية النزاعات وتقديم الدورات التدريبية والندوات لأعضائها. ساهمت هذه الخطوة مع غيرها من الخطوات على جعل العاصمة الأيرلندية تعج بكوكبة من المحكمين والوسطاء ذوي الخبرة. رسميًا، لم تشهد البلاد عمل القضاة المتقاعدين كجهات مستقلة للنظر في الحلول البلديلة للنزاعات إلا أن هذا الأمر قد تغير في الأعوام الخمس الأخيرة. ، حسبما أشار د/ هاميش لال، أحد المشاركين في مكتب اكين جامب ستروس هاور آند فيلد ال ال بي.

" لدي درايةٍ بالنظام القضائي المعمول به في لندن ودبلن حيث أعمل أستاذًا زائرًا في يونيفيرسيتي كوليدج، دبلن. وأقدم الاستشارات لعددٍ من العملاء بدول مجلس التعاون الخليجي، نظرًا لحاجة الأفراد والشركات الكويتية ممن يركزون أعمالهم في المناطق الخاضعة للاختصاص القضائي الإنجليزي والتي تستثمر في أوروبا أو تلك التي لديها صلات تجارية معها إلى الحصول على استشارة قانونية متخصصة. في ظروف معينة، قد تمنح دبلن بعض الأعمال والمستثمرين في الكويت مزايا قد لا تتوفر بلندن. في حالات أخرى، قد تكون لندن هي الأفضل. لذا يجب توخي الحذر عند تقصي الظروف ذات الصلة والحصول على المشورة الفردية".

وبناءًا عليه، قد ينظر بعض الأفراد والشركات الكويتية المتطلعين إلى التجارة والاستثمار في أحدى البلدان الناطقة بالإنجليزية في أوروبا إلى جمهورية أيرلندا كملاذ آمن وسط هذه الأجواء العاصفة.

 

 

 

 



 

 

مواضيع مرتبطة