رؤية الخبراء

حماية العلامة التجارية المشهورة الأجنبية في الكويت الأستاذ المساعد بقسم القانون الدولي . د. بشائر صلاح عبدالله الغانـم

      تعدّ العلامة التجارية من أهم مقوّمات التجارة ونجاحها؛ ولذلك تحظى بنصيب وافر من دعم أصحاب المشاريع وجهدهم؛ لتكون متميّزة في السوقين المحلية والعالمية، ومن ثم تسهم في إكساب أصحابها وشركاتهم السمعة؛ وهو ما يتطلب من القانون احترام هذا الجهد بتوفير الوسائل والإجراءات القانونية التي تكفل لمالكها حمايتها. ولأن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية واتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية TRIPS اسبغوا حماية للعلامات المشهورة ولأن دولة الكويت عضو في هذه الاتفاقيات وتطمح لأن تكون مركزاً مالياً وتجارياً لجذب المستثمر الأجنبي؛ فإن موضوع حماية العلامة التجارية المشهورة تحتل أعلى قائمة الأولويات والتي حرص المشرع الكويتي في تنظيمها سابقاً ضمن قانون التجارة الكويتي والتي تم الغاءها عند اصدار قانون رقم 13 لسنة 2015 (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي اصبحت نصوصه التشريع الحالي والمعول عليه في التطبيق. والسؤال المطروح هنا هو: هل لصاحب العلامة التجارية الأجنبية المشهورة حق في الاعتراض على تسجيل علامة مطابقة أو مشابهة لها في دولة الكويت أو طلب شطب لهذا التسجيل؟

وقد عرّفت المادة 4 المقصود بالعلامة التجارية المشهورة بأنها تلك العلامة: التي تجاوزت شهرتها حدود البلد الذي سجلت فيه إلى البلاد الأخرى عن سلع أو خدمات مطابقة أو مشابهة. وأضافت المادة أيضاً بأنه لا يجوز تسجيل العلامات المشهورة لتمييز سلع أو خدمات غير مطابقة أو مشابهة لتلك التي تميزها هذه العلامات.

بقراءة القانون نجد أن أحكامه تُمكن مالك العلامة التجارية المشهورة اتباع وسيلتين الاولى الاعتراض على طلب تسجيل العلامة، والثانية تمكينه من تقديم طلب شطب لها إذا ما سجلت.

فيما يتعلق بالوسيلة الأولى، بينت المادة 3 تعداداً للعلامات التي يحظر تسجيلها في الكويت وبوجه خاص خصصت البندين 13، و14 للعلامة التجارية المشهورة، وورد فيهما ما يأتي: "لا تعد علامة تجارية أو جزءاً منها، ولا يجوز أن يسجل بها الوصف ما يلي:... 13- العلامات التي تشكل نسخاً أو تقليداً أو ترجمة لعلامة مشهورة أو لجزء منها مملوكة للغير؛ لاستعمالها في تمييز سلع أو خدمات مماثلة أو مشابهة لتلك التي تستعمل العلامة المشهورة. 14- العلامات التي تشكل نسخاً أو تقليداً أو ترجمة لعلامة مشهورة مملوكة للغير، أو لجزء جوهري منها؛ لاستعمالها في سلع أو خدمات غير مماثلة أو غير مشابهة لتلك التي تميزها العلامة المشهورة، إذا كان من شأن الاستعمال أن يدل على صلة بين السلع أو الخدمات وبين العلامة المشهورة، وأن يكون من المرجح ضرر بمصالح مالك العلامة المشهورة".

ويلاحظ أن البندين يحظر تسجيل:

  •  علامة مطابقة لعلامة تجارية مشهورة باستخدام المشرع كلمة "نسخاً".
  • علامة مشابهة لعلامة تجارية مشهورة باستخدام كلمة "تقليداً"؛ فهنا لن يصل هذا التقليد إلى درجة التطابق بل محاكاة حقيقية لها.
  • علامة مترجمة لعلامة تجارية مشهورة.

والسبب في ذلك أن تسجيل العلامة يستوجب أن تكون العلامة المراد تسجيلها في الكويت متميزة؛ أي يكون لها ذاتيتها الخاصة التي تمييزها عن غيرها من العلامات، فتوفر هذا الشرط من شأنه أن يسبغ عليها الحماية القانونية وبانتفاءه تنتقي الحماية. وعندئذ يحق للإدارة المختصة رفض طلب تسجيل العلامة من الغير إن وجد لديها ما يدل على انتفاء شرط التميز.

وتجدر الإشارة إلى أنه كي يُفّعل ما ورد في البند 13 يجب التأكد من أن غرض تسجيل العلامة التي تعد نسخاً أو تقليداً أو ترجمة هو استعمالها على منتجات أو خدمات مماثلة أو مطابقة للمنتجات أو للخدمات التي تحمل العلامة المشهورة. وكي يفعل ما ورد في البند 14 يجب التأكد من أن غرض تسجيل العلامة هو استعمالها على منتجات أو خدمات غير مطابقة للمنتجات أو الخدمات التي تحمل العلامة التجارية إلا أن الاستعمال من شأنه أن يلحق ضرراً بمصلحة مالك العلامة المشهورة، وأن الاستعمال يدل على وجود صلة بينهما.

وأيضاً لو تم قبلت الإدارة طلب تسجيل العلامة المقدم من الغير ونشرت قرار القبول في الجريدة الرسمية فيحق لكل ذي شأن ومنهم مالكها بالإعتراض على تسجيلها خلال 60 يوماً من تاريخ النشر وينبغي أن يقدم الاعتراض كتابة.

 وبيّنت المادة 4 ــ في فقرتها الثانية ـ معايير لكيفية تحديد إذا ما كانت العلامة مشهورة أم لا بقولها: "لتحديد ما إذا كانت العلامة مشهورة يراعى مدى معرفتها لدى الجمهور المعني؛ نتيجة ترويجها أو طول فترة تسجيلها أو استعمالها أو عدد البلدان التي سجلت أو اشتهرت فيها، أو قيمة العلامة ومدى تأثيرها في ترويج السلع أو الخدمات التي تستعمل العلامة لتمييزها".

أما الوسيلة الثانية، فتشمل حالة انتهاء مرحلة تسجيل العلامة المقدم من الغير أي نجاحه في تسجيلها وعندئذ يكون من حق مالك العلامة المشهورة اللجوء للقضاء طالباً شطب العلامة التي تتطابق مع علامته (نسخ) أو تتشابه (تقليداً) أو تكون ترجمة لها على منتجات أو خدمات مماثلة أو مشابهة أو غير مطابقة أو غير مشابهه تأسيساً على مخالفة كل من المادة 3 البندين 13 و14 والمادة 4.

فهنا يوجد نصين في القانون يختلف تطبيقهما على حسب الوقائع، يخضع طلب شطب العلامة التي سجلت في الكويت لعلامة مشهورة لما ورد في نص المادة 7: "يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية بحسن نية مالكاً لها، ولا يجوز المنازعة في ملكية العلامة متى اقترن تسجيل العلامة باستعمالها مدة خمس سنوات على الأقل دون وجود نزاع قضائي". فإن سجلت واقترنت باستعمال لفترة خمس سنوات دون منازعة خلال هذه المدة فإن تسجيلها يتحصن ضد أي دعوى لإبطاله ومن ثم شطبه من السجل. إلا أن هذه المهلة لا يكون لها تأثير ولا يتحصن هذا التسجيل إذا كان تسجيل العلامة التجارية المشهورة من قبل الغير كان بسوء نية؛ حيث نصت المادة 22 على ما يأتي: "يكون للجهة المختصة ولكل ذي شأن، اللجوء إلى المحكمة المختصة بطلب الحكم بشطب العلامة التجارية التي تكون قد سجلت بغير وجه حق وتقوم الجهة المختصة بشطب التسجيل متى قدم لها حكم نهائي". ويترتب على إعمال هذه المادة أن لمالك العلامة المشهورة طلب إبطال تسجيل الغير لعلامته بسوء نية في أي وقت ودون التقيد بمدة الخمس سنوات التي تطلبتها المادة 7.

ففي حكم محكمة التمييز الكويتية عام 2017 بشطب تسجيل علامة تجارية سجلت في الكويت مطابقة لعلامة تجارية أجنبية مشهورة، كانت قد قبلت الإدارة تسجيلها في الكويت ضمن فئة قطاع التغذية والمطاعم. ذكرت المحكمة أن لصاحب العلامة التجارية المسجلة في دولة أجنبية – أي في دول متعاقدة في اتفاقيات دولية، لدولة الكويت عضوية فيها- حق "الاستئثار باستعمالها ولا يجوز لغيره مشاركته في هذا الاستعمال داخل أي دولة من الدول الأعضاء إلا بموافقته، ويكون لمالكها الحق في تسجيل هذه العلامة داخل أي دولة من الدول الأعضاء، كما يجوز له أن يقدم اعتراضاً على تسجيل الغير لهذه العلامة، وطلب شطب هذا التسجيل إن كان من شأن ذلك حدوث لبس يقع معه جمهور المستهلكين في التضليل والخداع دون اشتراط أن يكون مقيماً بتلك الدولة". وبينت المحكمة أن العلامة هي علامة تجارية مشهورة خارج دولة الكويت وداخلها مسجلة في العديد من الدول المنضمة إلى اتفاقية التجارة العالمية، التي أصبحت تشريعاً نافذاً في تلك الدول، ومنها دولة الكويت، التي من شأنها أن تمنع الغير من استخدامها أو أية علامة تختلط بها من شأنها أن تدخل اللبس على جمهور المتعاملين في ذات السلعة أو الخدمة؛ كون الشركة الأجنبية قد سجلتها في دولة الكويت قبل تسجيل الغير؛ مما يترتب عليه أسبقية الشركة الأجنبية في ملكيتها. وإحداث الغير الذي سجلت له العلامة في وقت لاحق بعض التعديلات على كلمة NANDO’S بتغيير حروفها إلىsmall letters ، وإضافة رسم ورقة شجر على جانبي الكلمة ووضع خط أسفلها لا يجعل منها علامة جديدة بل يبقي الجرس السمعي والبصري لهما واحداً.

      هذا الحكم أكد أن العلامة التجارية الأجنبية المشهورة تحظى بحماية في دولة الكويت وإن كانت تقليداً لها بتغيير الحروف واضافة بعض الرسومات لها ويتبين أنه اذا سجلت علامة بسوء نية لا يستطيع المسجل شطبها من تلقاء نفسه وانما على مالك العلامة الأجنبية المشهورة ضرورة الحصول على حكم قضائي كي تقوم الإدارة المختصة بشطب تسجيل العلامة التي سجلت بالمخالفة للقانون.

مواضيع مرتبطة