رؤية الخبراء

التصرفات والتشريعات العقارية في دبي المحامية الامارتية . نادية عبد الرزاق

إن قوانين التطوير العقاري land development laws شرعت مع ظهور ونمو المدن الحديثة متنامية الأطراف وبهدف التدخل القانوني الفعال لتنظيم النشاط العقاري في هذا المجال وإيجاد توازن بين مصلحة أطرافه من مطورين ومشترين ومستثمرين ومصارف ممولة. وهي لا تتعارض مع المبادئ القانونية المنصوص عليها في القوانين الأخرى.

 

وتتولى دائرة الأراضي والأملاك في دبي مسؤولية الإشراف على الشؤون المتعلقة بتسجيل وتوثيق جميع المعاملات العقارية بالنيابة عن حكومة دبي. وينقسم حق التملك العقاري في إمارة دبي بموجب قانون تسجيل العقارات إلى نوعين؛ الأول التملك في كافة المناطق لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي لشركاتهم التي يملكون أسهمها بالكامل، والشركات المشتركة العامة. والثاني تملك الأجانب في المناطق المخصصة للتملك الحر. كما أن دائرة الأراضي والأملاك بدبي هي الجهة المخولة قانوناً دون غيرها بتسجيل وتوثيق كافة التصرفات العقارية، ويتم ذلك من خلال نظام إلكتروني (سجل إلكتروني) مخصص لهذه الغاية وفق إجراءات محددة من قبل الدائرة وبناء على وثائق ومستندات معينة، حيث يتم تسجيل التصرفات التي يجريها المطورون العقاريون من خلال نظام التسجيل الذاتي للمطورين، أما باقي التصرفات فيشترط أن يقوم بعملية التسجيل المالك شخصياً أو من ينوب عنه بناء على توكيل رسمي بذلك وحضور الطرفين لدى مراكز أمناء التسجيل العقاري المنتشرة في مناطق مختلفة بالإمارة.

 ولقد ذهبت المواد 2 و4/3 و5 و9 من القانون رقم 9 لسنة 2004 بشأن إنشاء مركز دبي المالي العالمي المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 2011 أن سجلات مركز دبي المالي العالمي تشتمل على سجل عقاري لقيد التصرفات العقارية ويتم إنشاء وتنظيم سجلات المركز وفقا لقوانينه. وكانت المواد من 16 إلى 20 من القانون العقاري لمركز دبي المالي العالمي (القانون رقم 4 لسنة 2007) قد نصت على كيفية التسجيل العقاري في السجل المنشأ بموجب هذا القانون. ونصت المادة 3 من ذات القانون على أن (يطبق هذا القانون على العقارات الواقعة في نطاق اختصاص مركز دبي المالي العالمي بما مؤداه تطبيق نصوص هذا القانون بشأن تسجيل البيوع والتصرفات التي تتم في العقارات الواقعة في نطاق اختصاص مركز دبي المالي العالمي، وبالتالي لا تطبق عليها نصوص القانون رقم 13 لسنة 2008 بشأن السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي.

ويمكن للوكيل القانوني بموجب وكالة قانونية منظمة ومصدقة أصولاً التصرف في عقارات الموكل ضمن حدود الوكالة الممنوحة له والمذكورة في صيغة التوكيل وتكون صلاحية الوكالة لغايات التصرفات في حالة البيع والرهن والهبة سنتين، وفي حال الشراء خمس سنوات من تاريخ توثيقها لدى كاتب العدل.

وتشترط دبي التسجيل المبدئي للتصرفات العقارية تحت الإنشاء ويقصد به تسجيل عقود بيع العقارات وغيرها من التصرفات القانونية على الخارطة قبل نقلها إلى السجل العقاري، وتشمل العقارات التي يتم شراؤها على المخطط أو العقارات الجاهزة التي تصدر لها شهادة بيع مبدئي تدل على تسجيل عقار، والهدف من ذلك التسجيل حفظ حقوق الملاك والمستثمرين على حد سواء.

إلا أن المستفاد من نصوص مواد القانون رقم 13 لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبـي أن مهمة المطور -بخصوص وجوب تسجيل جميع التصرفات التي ترد على الوحدات المباعة على الخارطة- تقتصر على تقديم طلب إلى دائرة الأراضي والأملاك لتسجيل التصرف الذي يرد على الوحدة العقارية المباعة على الخارطة في السجل العقاري المبدئي على النموذج المعد لهذا الغرض مستوفياً البيانات والمستندات اللازمة وفقاً للأصول والإجراءات المتبعة لدى الدائرة. والدائرة هي وحدها المناط بها التسجيل في ذلك السجل، ولم يرد نص في القانون يوجب عليها إتمام هذا الإجراء في خلال مدة معينة، فهى وشأنها في إتمام التسجيل في الوقت الذي تراه مناسباً بحسبانها هي التي تتولى النظر في طلبات التسجيل المقدمة من المطورين وصاحبة السلطة في الرقابة والإشراف على السجل العقاري حفاظاً عليه وعلى المتعاملين في مجال العقارات. وما يبطل التصرف الذي يرد على الوحدة المباعة على الخارطة هو عدم تسجيله على الإطلاق.

ويلزم القانون المطورين بتسجيل المشاريع المكتملة في الدائرة فور حصولهم على شهادة الإنجاز من الجهات المختصة، وعليه يتم نقل الوحدات العقارية التي تم سداد ثمنها بالكامل من السجل المبدئي إلى السجل العقاري وإصدار شهادة الملكية / الانتفاع للمستثمر.

وفي حالة زيادة مساحة العقار عن المساحة المتفق عليها في عقد البيع: فلا يعتد بالزيادة التي تتحقق في المساحة الصافية للوحدة، ولا يجوز للمطورالمطالبة بقيمة تلك الزيادة، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك صراحةً في عقد البيع.

أما في حالة نقصان مساحة العقار عن المساحة المتفق عليها في عقد البيع: فيلتزم المطور بتعويض المشتري عن التغيير في مساحة الوحدة العقارية بالنقصان متى تجاوزت نسبة (5%) من المساحة الصافية للوحدة.

وفي حالة الخلاف بين المشتري والبائع يمكن اللجوء إلى دائرة الأراضي والأملاك لحل الخلاف، وإلا يتم اللجوء للمحكمة بقيد دعوى عقارية بالحق المطالب به سواء من جانب المشتري أو البائع.

وتختص المحكمة العقارية بالنزاعات والخصومات المترتبة والناتجة عن المعاملات والعقود الماسة والمتصلة بحقوق الملكية وأية حقوق عينية أو تابعة. وتستثنى من ذلك الروابط الإيجارية. وتتشكل هذه المحكمة من دوائر كلية وجزئية. الدوائر الكلية تتألف من ثلاثة قضاة برئاسة أحدهم تنظر في الدعاوى غير مقدرة القيمة والدعاوى التي تزيد قيمتها عن 1000000 درهم (مليون درهم) والدعاوى المتقابلة بغض النظر عن قيمتها. أما الدوائر الجزئية فتتألف من قاض منفرد، وتنظر في الدعاوى التي تقل قيمتها عن 1000000 درهم (مليون  درهم) والدعاوى المتقابلة بغض النظر عن قيمتها.

وتتعدد أسباب الدعوى ما بين عدم سداد المشتري لأقساط مستحقة على الوحدة، أو عدم قيام البائع (المطور) بتنفيذ التزامه بتسليم المشروع أو الوحدة محل عقد البائع في الموعد المحدد للتسليم. وأعطى القانون للبائع الحق في حالات معينة بفسخ عقد البيع وعدم رد المبالغ التي تحصل عليها من المشتري وذلك حسب ما أشارت إليه المادة 11 من القانون رقم 13 لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي والمعدلة بموجب المادة 1 من القانون رقم 9 لسنة 2009 المعدلة بالقانون رقم 19 لسنة 2017 على أنه (أ) تتبع القواعد والإجراءات التالية في حال إخلال المشتري بالتزاماته بتنفيذ عقد البيع على الخارطة المبرمة بينه وبين المطور العقاري:

  1. على المطور العقاري إخطار الدائرة بإخلال المشتري بالتزاماته التعاقدية ......
  2. على الدائرة فور استلامها للإخطار وبعد التحقق من صحة إخلال المشتري بالتزاماته التعاقدية القيام بما يلي: أ- إخطار المشتري بالوفاء بالتزاماته التعاقدية مع المطور العقاري خلال (30) يوماً من تاريخ الإخطار.... ب- إجراء التسوية الودية بين المطور العقاري والمشتري إن أمكن...
  3.  إذا انقضت المهلة المشار إليها في البند (2/أ ) من هذه المادة دون قيام المشتري بتنفيذ التزاماته التعاقدية أو إتمام التسوية الودية بينه وبين المطور العقاري، تصدر الدائرة وثيقة رسمية لصالح المطور العقاري تفيد ما يلي: أ- التزام المطور العقاري بالإجراءات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة. ب- تحديد نسبة إنجاز المطور العقاري للوحدة العقارية محل عقد البيع على الخارطة وفقا للمعايير والقواعد المعتمدة لدى المؤسسة في هذا الشأن. 
  4. يجوز للمطور العقاري بعد استلام الوثيقة الرسمية المشار إليها في البند (3) من الفقرة (أ) من هذه المادة وبحسب نسبة الإنجاز، اتخاذ التدابير التالية بحق المشتري دون اللجوء إلى القضاء أو التحكيم:
  1. في حال إنجاز المطور العقاري لنسبة تزيد عن 80% من الوحدة العقارية  يكون له أي مما يلي:
  1. الإبقاء على العقد المبرم بينه وبين المشتري واحتفاظه بكامل المبالغ المسددة له مع مطالبة المشتري بسداد ما تبقي من قيمة العقد.

2- الطلب من الدائرة بيع الوحدة العقارية محل عقد البيع بالمزاد العلني لاقتضاء ما تبقى من المبالغ المستحقة له، مع تحمل المشتري لكافة التكاليف المترتبة على هذا البيع.

3- فسخ العقد بإرادته المنفردة، وخصم ما لا يزيد على 40% من قيمة الوحدة العقارية المنصوص عليها في عقد البيع على الخارطة، ورد ما زاد على ذلك للمشتري خلال سنة من تاريخ فسخ العقد أو خلال 60 يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمشتر آخر، أيهما أسبق.

ب- في حال إنجاز المطور العقاري لنسبة تتراوح بين 60% ولغاية 80% من الوحدة العقارية، فإنه يكون له فسخ العقد بإرادته المنفردة، وخصم ما لا يزيد على 40% من قيمة الوحدة العقارية المنصوص عليها في عقد البيع على الخارطة، ورد ما زاد على ذلك للمشتري خلال سنة من تاريخ فسخ العقد أو خلال 60 يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمشتر آخر، أيهما أسبق.

ج- في حال مباشرة المطور العقاري العمل في المشروع العقاري، وذلك من خلال استلامه لموقع البناء والبدء في الأعمال الإنشائية وفقاً للتصاميم المعتمدة من الجهات المختصة، وكانت نسبة الإنجاز تقل عن 60% من الوحدة العقارية، فإنه يكون له فسخ العقد بإرادته المنفردة وخصم ما لا يزيد على 25 % من قيمة الوحدة العقارية المنصوص عليها بعقد البيع على الخارطة ورد ما زاد على ذلك للمشتري خلال سنة من تاريخ فسخ العقد، أو خلال 60 يوماً من تاريخ إعادة بيع الوحدة العقارية لمشتر آخر، أيهما أسبق.

د- في حالة عدم بدء المطور العقاري بالعمل في المشروع العقاري لأي سبب خارج عن إرادته ودون إهمال أو تقصير منه، فإنه يكون له فسخ العقد بإرادته المنفردة وخصم ما لا يزيد على 30% من قيمة المبالغ  المدفوعة له من قبل المشتري، ورد ما زاد على ذلك للمشتري خلال 60 يوما من تاريخ فسخ العقد.

 والنص في المادة 14 من قرار المجلس التنفيذي رقم 6 لسنة 2010 باعتماد اللائحة التنفيذية للقانون رقم 13 لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي على أنه في حال نشوب أي خلاف بين المطور والمشتري فإنه يجوز للدائرة أن تقوم بمساعٍ توفيقية بينهما للمحافظة على علاقتهما التعاقدية وأن تقترح عليهما ما تراه مناسباً من الحلول لهذا الغرض، وفي حال توصلهما إلى تسوية ودية يتم إثباتها في اتفاقية مكتوبة توقع من قبلهما أو من قبل من ينوب عنهما، وبمجرد اعتماد هذه الاتفاقية من الدائرة تصبح ملزمة لهما.

ولقد نظمت المادة 15 من ذات القرار والمقابلة للمادة 11 من القانون حالات إخلال المشتري بالتزاماته المنصوص عليها في القانون وأجازت فقرتها (د) للمطور أن يطلب من المحكمة المختصة أن تحكم له بكامل النسب المشار إليها في الفقرة ج من هذه المادة في حالة إذا كانت المبالغ التي تحت يده أقل من النسب المحددة في البنود (1) ، (2) ، (3) ، (4) ومفاد ذلك أن دور دائرة الأراضي والأملاك في دبي في حالة قيام نزاع  بين المطور والمشتري مقصور أصلاً على مساعي التوفيق واقتراح الحلول المناسبة بقصد الوصول إلى تسوية ودية بين الطرفين دون أن يمتد هذا الدور ليشمل الفصل في النزاع الموضوعي بفسخ العقد أو بتنفيذه طبقاً للقواعد العامة والمنصوص عليها في المادتين 271 ، 272 من قانون المعاملات المدنية ومن ثم فإن ما تصدره الدائرة من قرارات في هذا الشأن هو مجرد اقتراح أو توصية ليست لها حجية ملزمة تمنع أو تحول دون عرض أي من طرفي النزاع منازعتهما على المحكمة المختصة سواء بطلب فسخ العقد أو تنفيذه أو التعويض عنه أو المجادلة في شأن مبررات النسب التعويضية التي يستحقها المطور والمنصوص عليها في القانون واللائحة سالفة البيان سواء من حيث أصلها أو مبناها.

 

مواضيع مرتبطة