مقالات

كيف يمكن لأصحاب الاعمال تطوير أعمالهم واستغلال فرصة ذهبية مثل كوفيد – 19 الرئيس التنفيذي لشركة روجا القابضة . اريج الصغير

ألقى وباء كوفيد – 19 بتداعيات متعددة الأطياف على كل جزء من العالم بحيث شملت كافة مناحي الحياة، فلم تعط شدة الوباء الفرصة لأخذ الحيطة المبكرة منه أو التنبؤ بما في جعبته للشركات والمجتمعات على حد سواء.

التقلص المفاجئ في الاسواق، وتراجع الطلب، والكساد في معدلات النمو وأزمات السيولة والافلاس وتلاشى صافي أرباح الشركات بمليارات الدولارات وتضاؤل الدخل وعدم معرفة موعد إعلان إنهاء إجراءات الاغلاق للخروج من حالة التوقف التام للموارد، جعلت العالم بأكمله في مواجهة مع العديد من التحديات والصعوبات واحتمالات دوام الفقر – بل لقد بلغت كافة الاحداث المثيرة للاكتئاب ذروتها في شكل سلسلة من الكوارث التي أحاطت بنا جميعا. ولقد كان لعدم التأهب إضافة إلى غياب لقاح أكيد كعلاج فعال، الأثر في إحداث الفوضى والهلع والكثير من الأحداث المأسوية.

 في أوقات الازمات يعتبر أكثر الخطوات العلاجية أهمية كحل عملي قابل للتطبيق، هو وجود عقول ايجابية هادئة قادرة على التركيز مما يهئ لها سبل النجاح. ففي الواقع هناك بضعة مؤشرات ايجابية للتراجع والتردي في مستويات المبيعات مصحوب بارتداد إنفاق المستهلك بشكل جزئي وذلك بعد أن دمر فيروس كورونا الاقتصاد وأعاق النمو خلال الاشهر الثلاثة الماضية.

على الصعيد العالمي لم يسبق للموظفين تجربة العمل عن بعد والانخراط في العمل على مدار الساعة الأمر الذي يبعث على الإحساس بالراحة والتكاتف كفريق عمل في قاعات اجتماعات افتراضية. وعلى الرغم من ذلك كان لهؤلاء الذين يتطلب عملهم التواجد في مواقع العمل القليل من المرونة للقيام بمثل بذلك مما أدى إلى تعرضهم إلى مخاطر صحية.

كان لأزمة كوفيد – 19 وما أحدثته من اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية أثر في خلق تغيرات جذرية لا رجعة فيها إلى الطريقة التقليدية التي اعتاد عليها القادة اتخاذ القرارات بها. ولقد كان للمتناقضات وأوجه القصور والتضارب بين الأنظمة المتعددة – والانتقال من الاهتمام بالجوانب المالية والصحة إلى الاهتمام بالطاقة والتعليم وتعرضها بشكل غير مسبوق، وسط قلق عالمي على الحياة وتوفير سبل العيش، بحيث وجد القادة أنفسهم على مفترق طرق تاريخي فعليهم إدارة ضغوط قصيرة الأجل مقابل شكوك طويلة الامد.  

فبدلاً من اظهار الحلول القوية اظهرت ملحمة كوفيد – 19 عدم وجود استراتيجية متماسكة والتأهب الكامل لها. فلقد مثل الوباء اختبار كامل في القيادة للرؤساء التنفيذين والمدراء المالين ومدراء التكنولوجيا والذين اعتادوا على تبني سياسات كلية مدروسة بعيدة النظر كوصفة تفي بتحقيق النجاح والرفاهية.

ناقشنا في هذا المقال واقترحنا وصفة ناجعة لتلك الأزمة غير المسبوقة والتي تتطلب تركيبة مالية للتطور الاقتصادي والاستراتجيات المالية العامة.

كذلك سلطنا الضوء على خطوات عاجلة قد يتخذها القادة لابتكار إجراءات قصيرة المدى والتأكيد على استدامة مالية طويلة الأجل لأعمالهم وبلادهم.

انفتاح كبير لاقتصادياتنا – لن يربح أحد مالم يقم الجميع بذلك.

بينما يستمر العالم في التعامل مع تأثيرات الوباء، لم يسلم اي من طوائف المجتمع من تلك الاثار. فالخوف يحيط بصحة الاقتصاد وقد حدثت تغيرات دراماتيكية في الحياة لم نعهدها من قبل وسوف تستمر. ففي المقام الأول هذه مأساة إنسانية عرضت للعالم بأسره، ويواجه الجميع مستويات غير مسبوقة من الاضطرابات في أماكن عملهم وبيوتهم ومجتمعاتهم. وإذا ما كان هناك جانب ايجابي في خضم تلك الاحداث مجتمعة، فهي أن الشركات والقادة يتخذون أولى خطواتهم في تلك المناطق الحرجة للوصول إلى الواقع الطبيعي الجديد من خلال إعادة رسم خطط تنموية لما بعد تلك الأزمة – وذلك عبر طرح افاق بعيدة المدى.

في حين أن تلك الإجراءات لم تفلح بعد في إزاحة تلك الشكوك الهائلة والهلع الذي يمكن أن يستمر الشعور به، فقد اشارت تلك الإجراءات إلى احساس الموظف بالثقة والامان تجاه قادته. فلقد اغلقت اقتصاداتنا سابقا أثناء أزمة كوفيد – 19 والآن نتطلع إلى استراتيجيات انفتاح تعتبر مصدر تحد كبير، ولكننا يجب أن نبدأ.

وتشير تقديرات أحد المستشارين البارزين أنه من الآن وحتى نهاية العام 2023، سوف يبلغ الاختلاف في الناتج المحلي الاجمالي في ظل السيناريوهات الاقتصادية ما بين التحكم الجزئي في انتشار الفيروس وتلك السيناريوهات التي تقترب فيها من صفر فيروس حوالي 15 تيرليون دولار.

هناك ثلاث مسارات اساسية يمكن للقادة في العالم اجمع استغلالها:

  1. اجراء متزن – عملية إعادة فتح للاقتصاد على مراحل والسيطرة على انتشار الفيروس بقدر ما يستطاع.

  2. الاقتراب من حالة صفر فيروس: فتح الاقتصاد أثناء فرض إجراءات تحد من انتشار الفيروس بحيث تعمل على توقف الاغلاق الكامل.

  3. الإجراءات الانتقالية: من خلال تطبيق عناصر ضمن حزمة إجراءات الاقتراب من الحالة الصفرية للفيروس عندما تكون جاهزة .

يؤدي كل مسار إلى نتائج مختلفة للحياة وسبل العيش - واستنادا على انتشار متزايد للعدوى، وزيادة وتيرة التعافي الاقتصادي وبالسرعة التي يمكنها المساعدة في سحق تلك الشكوك، يتطلب الأمر زيادة في التصنيع الصحي والتي من المفترض أن تتم من الآن حيث أن المزيد من الإغلاق سوف يجعل من البداية التي تعتبر صعبة بالفعل، أكثر صعوبة.

نتوقع المزيد من الإجراءات التحفيزية من قبل الحكومة والبنوك في شكل حزم وإجراءات تنموية وهو ما يعتبر جزء من التعافي الاقتصادي مثال ذلك:

  1. تأجيل مدة سداد القروض إلى فترة ما بين 6 أشهر إلى 12 شهر.

  2. اعفاء أو تقليل معدلات الفائدة لتلك الصناعات الاكثر تضررا.

  3.  تخفيض القيمة الايجارية لمكاتب الاعمال الصغيرة والمتوسطة

  4. تخفيض قيمة الضرائب على الشركات عن هذه السنة المالية.

في ظل زيادة العجز في الميزانية، على الحكومات والشركات أن تنظر في مجموعة متعددة من الخيارات، يسمح لبعضها بتحويل ديونهم إلى نقد بمعرفة البنوك المركزية. بينما يلجأ البعض إلى مزيد من الاقتراض أو التفكير في طرق لبيع الاصول. فايا كان المسار الذي يقع عليه الاختيار، عليهم مواجهة إجراءات متوازنة لإدارة مستويات العجز المالي المسجلة أثناء التعافي الاقتصادي. فعلى الرغم مما تخبرنا به البورصات عن الاقتصاد العالمي أنه قد هدأ ذلك الفزع وارجأت الاوجاع الاقتصادية، إلا أن الشكوك مازالت تتراكم وتلوح في الافق خلال السنوات القليلة القادمة.  

 

التخفيف من حدة المخاطر عالميا واقليميا

يتم حالياً مراجعة سجلات المخاطر والنماذج المالية ويعاد التحقق من صلاحيتها والغوص فيها للوصول إلى أدق تفاصيلها وقد اضطرت شركات التأمين إلى اتباع ذلك التحول والعمل على تكييف اسلوبها في التأمين على المخاطر المحتملة الهائلة التي نواجهها في اعقاب الوباء.

  • اقتصاديا: تباعات الركود العالمي الطويل، يساعد الكثير من الحزم والسياسات المقدرة بتريليونات الدولارات أن تثقل كاهل الدول بالمزيد من الديون وذلك دونما قصد.

  • مجتمعيا: عدم المساواة تزيد الأمر سوء وهو ما يمكن أن يضع النسيج الوطني الاجتماعي وشبكات الامان تحت وطأة الضغط.

  • الجيوسياسية: انخفضت التجارة العالمية بشكل حاد مع توقع انخفاض الاستثمارات الاجنبية المباشرة اضافة إلى توتر التجارة بين كل من الولايات المتحدة والصين الأمر الاخذ في الاستمرار، ويضع الانخفاض في تدفق المساعدات الاجنبية المزيد من الضغوط على القضايا الإنسانية القائمة، على سبيل المثال عدم توافر الغذاء للاماكن التي تمزقها الصرعات في العالم. وتكمن المخاطر الاساسية في كيفية الحفاظ على روابطهم الاقتصادية وتجنب الانزلاق إلى فوضى في حين يحتاج العالم بشكل ملح إلى هيكل تجاري جديد.

  • تكنولوجيا: الاعتماد المتزايد على الاجهزة الرقمية يمكن العمل عن بعد على الرغم من أن التكنولوجيات الخاصة بتطوير لقاح علاجي باتت غائبة.

  • بيئيا: يمكن أن يحدث تردي كبير في التأثير على البيئة وذلك بسبب الإجراءات الاقتصادية والاستدامة والتي يمكن أن تتخذ مقعد خلفي تؤدي إلى تأخر تحقيق اهداف مناخية على الارض.

 

الآثار القانونية

يحتج الموظفين مطالبين بكامل رواتبهم وأجورهم عن ساعات العمل خلال فترة الأزمة، في المقابل لم يكن أصحاب الاعمال قادرين على الوفاء بذلك بسبب الخسائر المالية وفي ظل ذلك الوضع وجد العمال أنفسهم مضطرون إلى تصعيد الأمر والسعي إلى الحصول على الاستشارات القانونية والعدالة.

عانت المشاريع الجارية من نقص في التدفق النقدي للاستثمار والانتقال بالمشروعات إلى تمام انجازها، وفي ظل ذلك الموقف في حالة إذا ما اراد مالك المشروع إيقاف الاعمال ، تطفو المشكلات القانونية على السطح، ولا يمكننا إيقاف المشاريع فإما أن نقوم بسداد غرامات التأخير أو التأجيل أو إعادة البدء فيها أو استكمال المشروع.

الأنظمة القانونية ترزأ الآن تحت ضغط بسبب الخدمات الاستشارية المتعلقة بالأزمة وكذلك العديد من المخالفات التي ترقى إلى حد الخروج على القانون والعائدة إلى الاحتجاجات والظروف غير المستقرة وعدم الارتياح الناتج عن البطالة وفقد سبل العيش بشكل مفاجئ.

لقد أدى استغلال التجار للأزمة بسبب ضعف الرقابة الحكومية وتأخر أو بطيء شراء مواد الوقاية الطبية إلى خلق سوق سوداء حيث بيعت الكمامات والقفازات وواقي الوجه باسعار فاحشة وباهظة ومبالغ فيها في مخالفة واضحة لاحتياجات الناس والتي أدى الانتشار السريع لفيروس كورنا إلى زيادة اثارها. ولقد طال الأمر الزيادة في معدلات الجريمة بسبب الفقر الشديد والجوع الذي خلق تحدي جديد للنظام القانوني للتعامل مع العناصر المعادية للمجتمع. ولعب علماء تعديل السلوك وعلماء النفس كذلك دور هام لاستعادة حالة الاستقرار العقلي وبقدر المستطاع استعادة قدر كبير من الثقة ووضعها في مسارها الصحيح أثناء انتقالنا من الخوف إلى الرجاء.

 

طرق مبتكرة لإدارة الاعمال أثناء المحافظة على التباعد الاجتماعي   

إن إعطاء الأولوية لمجالات الابتكارات هو مفتاح الفرص المتاحة للنمو بعد فك الحظر ما بعد الأزمة. وذلك الوقت هو الافضل للاستثمار في مجالات العناية بالصحة بما فيها معدات الحماية الشخصية واجهزة التنفس الصناعي أو غسيل الكلى أو انظمة التعلم عن بعد وقطاعات سلاسل الامداد.

الافكار الجديدة في صناعة السيارات والتي تتضمن تقديم العون في عملية شراء السيارات من أجل التحفيز في الاستثمار في هذه الصناعة وتدريب القوي العاملة. نطور المطاعم نماذج عمل جديدة وتحديث قوائم الطعام أثناء المحافظة على التباعد الاجتماعي بين الزبائن وذلك من خلال وضع فواصل بين كل مقعدين.

ولقد وجد البعض في هذا الموقف فرصة ذهبية للعمل وكسب سبل العيش وذلك من خلال العمل من المنزل والقيام بتنصنيع ادوات حماية شخصية وكمامات طبية وبيعها إلى من هم بحاجة اليها. وأضحى التعقيم أحد الضروريات اللازمة لمرافق العمل وهو ما اعطى الفرصة السانحة لبداية جديدة لتقديم خدمات التعقيم. ولقد عمدت الحكومة والقطاع الخاص خلال تلك الأزمة إلى تقديم خدمات وعروض تسوق الكترونية وبرامج التوصيل إلى المنزل. الانتقال من مجرد التفكير فيما هو طبيعي إلى تفعيلها اضحى القرار فيما يجب ايقافه وما يجب البدء فيه وما يجب تسريع وتيرته هو أكثر الامور فاعلية بما فيها المساعدات الإنسانية والمساعدات التي تتسم بالسخاء لهؤلاء البائسين المتواجدين في اقتصاديات عاجزة.

 

قطاع النفط والغاز

اُجبر قطاع النفط والغاز على العمل بطاقة اقل مع تخفيض ميزانية التشغيل السنوية ونفقات الصيانة في الاستثمارات طويلة المدى. ولقد عكف القطاع على إعادة تقييم وتقدير اولوياته وتقليص تكاليف السفر والمناسبات الاجتماعية واعادة تعيين العمالة الماهرة الخ. أجرت بعض قطاعات تلك الصناعة مثل وقود الطائرات والزيوت تغيرات مستمرة.

ولقد كان لانتقال منظمة الاوبيك إلى خفض الإنتاج، تأثير طفيف على السوق، ولم يترجم ذلك إلى زيادة صادرات النفط. لذلك فعلى الدول داخل اوبك وخارجها التعاون في جانب التوريد وبسبب انخفاض الطلب عليها تنظيم خفض اسعار النفط لصالح الاقتصاد العالمي.

تعن العديد من التساؤلات والتي تعتبر العامل الأساسي في تحقيق النجاح في هذا القطاع ذو الاستثمارات التنافسية العالية وهي:

  • الى اي مدى يمكن الاعتماد على تلك التسهيلات المعقدة؟

  • كيف يمكن الاستفادة من القدرة الإنتاجية مقارنة بقدرات الاخرين ؟

  • تكاليف الإنتاج مقارنة بتلك الخاصة بالشركات مع تسهبلات شبيهة ؟

  • هل تلك التسهيلات تنتج هامش انتاج تنانفسي ومستديم؟

 وبشكل واضح توقيع البنك الاسيوي التنموي توليفة من اقتصاديات فائض الطاقة واقتصاديات نقص الطاقة الاستمرار في النمو خلال العامين القادمين. وفي توقع متفائل نُشر في ابريل 2020 وهو نفس تاريخ نشر تقرير صندوق النقد الدولي والذي قدر بشكل كبير أن تأثير كوفيد – 19 سوف يبلغ ذروته في الربع الثاني من العام مع توقع عودة الامور إلى طبيعتها في النصف الثاني من العام 2020.

في الوقت ذاته اعلنت الممكلة العربية السعودية ،كأحد اجزاء برنامجها الاصلاحي، عن قفزة في نقل الوقود الهيدروجيني، خالقة بذلك نقطة ارتكاز لتحول اقتصادها والحد من اعتماده على النفط، ويوضح الاهتمام بالهيدروجين والتحول من الاقتصاد المرتكز على النفط، مدى الاهمية التي اكتسبها وهو ما تم التخطيط لظهوره بحلول العام 2025.

يعتبر البدء السريع في إعادة بناء الكويت للوصول إلى تحقيق رؤية 2035 من الامور الاساسية وجعلها جاهزة للتنوع في حالة انهيار اسعار النفط مرة اخرى. لقد توقف مشروع الطاقة الشمسية إلى أجل غير مسمى والتي تعتبر نقلة صحيحة. ويعاني الاقتصاد الوطني الكويتي من العديد من الاختلالات يأتي على رأسها الدور المحدود الذي يقوم به القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية. فهناك تعاظم لأهمية اصلاح مُلح لسوق العمل عن طريق ترشيد سياسة التوظيف والتعامل مع التشوهات في التركيبة الخاصة بالاجور بين القطاعين العام والخاص والعمل على تطوير التعليم والتدريب المهني وذلك لتقديم فرص عمل للعمالة الوطنية الماهرة.

وأخيراً من الواضح أنه "عندما تهب رياح التغيير يُشيد البعض الجدران بينما يُشيد البعض الآخر طواحين الهواء" وفي هذا المنعطف ومنذ أن فتح كوفيد 19 آفاق جديدة فقد وهب القادة المزيد من الفرص السانحة للابتكار والاستدامة، مما سيخلق قرارات قيادية حاسمة وايجابية مع اختلاف متسع وتأثير مستمر على حياتنا المستقبلية.

مواضيع مرتبطة