رؤية الخبراء

إلى الأمام - المرأة في القانون في الهند إلى الأمام - المرأة في القانون في الهند . إيفيتا شيخار سود

 

 

النساء، والقانون، والنجاح، ثلاث كلمات قد تبدو متناقضة عند استخدامها في جملة واحدة في سياق الثقافات الشرقية؛ وذلك إذا ما استرجعنا مسيرة الكفاح الثوري النسوي الرامية لترك بصمات وعلامات فارقة يُنظر إليهن من خلالها على أنهن محركات اقتصادية دافعة في مختلف المجالات. بل لقد كان ظهور المرأة في أروقة المحاكم والقانون يمثل تحديًا كبيرًا، لكن ريشيكا أرورا البالغة 30 عامًا، تمكنت من كسر هذه الصورة النمطية، وها هي المحامية الشابة من الهند تتغلب على حواجز الجنس والعرق شيئًا فشيئًا وتزدهر في أنشطتها لتحتل الصدارة ضمن المنظومة القانونية الدولية التي يهيمن عليها الرجال.

سيرتها الذاتية تشبه قصيدة الأديب إدغار ألن بو الساحرة والتي تتفوق في مسيرتها من الكلمات إلى العمل ومن الأفكار إلى الأفعال. فقد أصبحت محامية بارزة في محكمة دلهي العليا بالهند وهي المحسنة السخية والمرشدة والمعلمة وهي أيضًا عضو رائد في رابطة محامي الكومنولث كممثلة للمحامين الشباب عن منطقة أستراليا. وكانت قد خاضت أول تجربة لها في مجال الدفاع والتمكين في سن السابعة عشرة عندما عملت في المدرسة الثانوية عن كثب في مشروع وزارة شؤون الشباب والرياضة في مجال "رعاية المراهقين" والقضايا ذات الصلة بذلك المشروع الذي حدد ملامح مسار حياتها المهنية، حيث تقول معلقة على ذلك: "لقد دُفعت لإحداث تغيير في المجتمع، ولأكون صوت الضعفاء والمحرومين، ولخلق وعي اجتماعي بين الجماهير".

وبهدف تمكين الضعفاء والمهمشين، التحقت هذه الشابة للحصول على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة جورو جوبيند سينج إندرابراثا المرموقة في نيودلهي بالهند. إلى جانب انضمامها إلى منظمة مراقبة المرأة السياسية، وهي منظمة غير حكومية ملتزمة بقضية تمكين المرأة وخلق الوعي بالحقوق القانونية وحقوق الناخبين. وبصفتها مستشارة ومدربة، قامت بتوعية النساء اللائي يسكنّ الأحياء الفقيرة بحقوقهن القانونية، كما نظمت عدة جلسات للمدربين وأجرت جلسات توعية للناخبين.

خاضت ريشيكا أول تجربة لها في المنظومة القانونية أثناء عملها كباحثة قانونية في عهد سعادة أونيلميت كور، والسيدة جوند إنديميت كور، وهي قاضية في محكمة دلهي العليا بالهند، وعلى حد تعبيرها تقول: "لم تكن سعادة المستشارة إنديرميت كور إلا امرأة خارقة بكل معنى الكلمة. وعن نفسي فأنا أسعى إلى أن أكون محترفة وقوية ومرنة مثلها فشخصيتها حاضرة أمامي دوماً وأنا أكن لهذه السيدة الحديدية كل الاحترام والتقدير."

ومن أجل تأسيس نفسها كمحامٍ دولي، بدأت المدافعة المعنية بالأعمال الشبابية دراستها للحصول على درجة الماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية. وأثناء وجودها هناك، عملت مع المحامين المتطوعين للفنون، وهي منظمة غير ربحية توفر المساعدة القانونية للفنانين ذوي الدخل المنخفض في نيويورك. وبقدر حماستها لتعلم مهارات جديدة واكتساب وجهات نظر متعددة حول الثقافات المختلفة، ارتقت لمزاولة مهنتها القانونية في الهند بشغف والتزام كبير. تقول تعبيراً عن هذا الإنجاز بعاطفة قوية: "لقد كنت متحمسًة جدًا للعودة إلى الهند وبدء العمل في مشروع حلمي لتوفير المساعدة القانونية للفئات ذات الدخل المنخفض، وبالتالي تمكينهم من السعي من أجل حياة أفضل. وقد استغرق الأمر مني عامين لأكون كذلك وأطلق "الخلية القانونية" أخيرًا ومع زملائي المحامين. كواحد من المؤسسين، إنه لمن دواعي سروري وارتياحي الكبير أني شاركت في مرحلة التأسيس، فقد تمكنت الخلية القانونية من إحداث تأثير كبير في المجتمع. وهي تعمل عن كثب مع منظمات مثل روتاري إنترناشونال، ومؤسسة لادلي، والمرصد السياسي للمرأة، ومؤسسة إنقاذ الأرض، ومؤسسة السياسة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ونحن اليوم لدينا طموح كبير للتوسع في تقديم خدماتنا في عموم الهند مع مجموعة من المدافعين المؤهلين والمهنيين المتحالفين معنا".

وباعتبارها أصغر رئيس قانوني لمنظمة الروتاري الدولية (RCDS)، فهي متواضعة بتجربتها الخاصة وتشكر عائلتها على الوقوف إلى جانبها كالصخرة ومنحها الشجاعة لتحقيق والتغلب على كل الصعاب. وهي تستذكر الصعوبات والتحديات التي واجهتها باعتبارها جزءًا من نظام التقاضي: "أنا أتحلى بالشجاعة والإلهام اللذين اكتسبتهما من مديري المحامي السيد بوانجيت سينج بيندرا الذي وثق كثيراً بي ودفعني إلى ما هو أبعد من حدودي الشخصية لتحقيق النتائج والتفوق. لقد كان داعمًا جدًا لمساعيّ الخيرية وأنا لا أملك إلا أن أشيد به والنصائح التي قدمها لي. وكلما اعترتني حالة من الشك أو الشعور بعدم الثقة، كان يقول لي مطمئناً بضرورة القتال وترك مخاوفي لتذهب في مهب الريح. ولقد تمكنت من نحت هويتي المستقلة تحت إشرافه وتوجيهه".

كانت المهنة القانونية في الهند ترزأ إلى حد كبير تحت سيطرة الرجال. ولكن التفكير التقدمي لرجال أمثال السيد بوانجيت سينج بيندرا هو الذي يشجع المحاميات الشابات مثلي ويعطيهن فرصًا للنمو والازدهار. لقد كان كفاحاً بالنسبة للنساء الهنديات للدخول في خضم الدعاوى القانونية ومعركة بذلن فيها الغالي والرخيص لتحقيق المجد. ولقد كنت محظوظة لأن أكون جزءًا من الجيل الأول من المحاميات اللواتي تولين الدعاوى القضائية وقد جنى ثمار إنجازاتهن من أتى بعدهن". ثم تدفق عدد هائل من النساء للعمل في مجال الدعاوى القضائية في الآونة الأخيرة، وقد تنافس بعض النساء أيضًا في انتخابات مجلس النقابة وتمكنت المحاميات الهنديات من فرض بصمة لأنفسهن في مجال العمل القانوني على الصعيدين الوطني والدولي.

تقول ريشيكا: "على الرغم من أنه لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن نحصل على تمثيل عادل ومنصف للنساء المدافعات في الدعاوى القضائية"، وهي تتذكر أن العديد من أقرانها قد فارقوا العمل في مجال الدعاوى القضائية وتابعوا الدراسة في القانون بسبب العديد من الحواجز التي كانوا يواجهونها. ويبدو أن هناك سقفًا زجاجيًا في مجال المهنة القانونية وضع في وجه المرأة من حيث التفاوت في الأجور والتمييز بين الجنسين وهو أمر يعد مثبطًا للهمم ومفجعًا للمحترفين، خاصةً عندما يكون الشخص قد بدأ لتوه مسيرته المهنية. ومع ذلك، من المهم أن تبقي محافظاً على موضع قدميك في هذا المجال وترتد بقوة ومرونة في آن واحد.

وتلخيصاً لما بدأته تقول هذه المحامية الحازمة: "أعتقد أننا بحاجة إلى تثقيف الفتيات وتمكينهن ومنحهن القدرة على رسم ملامح مسيراتهن الخاصة. لقد غيّر التعليم المشهد القانوني في الهند حيث اختار عدد أكبر من النساء القانون كمهنة لهن. كما أننا بحاجة إلى تشكيل مجموعات من المحاميات اللائي يساعدن ويدعمن ويحفزن بعضهن بعضا، فلقد ولت الأيام التي تقوم فيها مجموعة مهمشة بتنفيذ احتجاجات وتظاهرات للمطالبة بحقوقهم. وقد أصبح المفتاح الآن هو أن تكون قويًا ومصممًا في مساعيك، ولا يمكننا ولا ينبغي أن ندع بعض التجارب السيئة أن تردعنا عن اختياراتنا وينبغي على المرء أن يضع كل يوم لنفسه نقطة بداية جديدة وأن ينظر إلى كل تحد يواجهه على أنه فرصة كامنة". إن كلمات مفعمة بالحيوية كهذه لديها القدرة على تحريك الصخور، والمرأة في مجال القانون مهيأة للقيام بهذا الدور الضخم الذي أنيط بها بلا شك.

مواضيع مرتبطة