مفهوم الصحافة الاستقصائية

هي نوع من أنواع التحقيقات الصحفية، يقصد بها التحقيق والاستقصاء والتأكد من صحة المعلومات بخصوص قضية ما قبل نشرها، وتتناول قضية أو قضايا لا يرغب الآخرون في الاطلاع عليها أو ظهورها في الواجهة الإعلامية أو المجتمعية، وتشمل كشف حقائق للجمهور أخفيت إما صدفة بسبب تراكم الأحداث والحقائق والظروف فأصبح يصعب فهمها، أو تعمد إخفاءها شخص أو أشخاص في موقع سلطة أو نفوذ.

تعريف الصحافة الاستقصائية

*
تعرفها المديرة التنفيذية السابقة لـ "إعلاميون عرب من أجل صحافة استقصائية" رنا صباغ: هي الصحافة القائمة على توثيق المعلومات والحقائق بأسلوب منهجي وموضوعي يهدف كشف المستور وإحداث تغيير للمنفعة العامة.

*
تعرفه المنظمة الأمريكية للصحافة الاستقصائية على أنه تغطية إخبارية في العمق تكشف شيئا ما يريد أحد ما أن يبقيه سرا، أو تغطية إخبارية تؤشر لإخفاقات منهجية وسياسات غير صائبة نتيجة لجهد بذله صحفي.

ظهور الصحافة الاستقصائية

*
لجأت الصحافة المطبوعة إلى إبتكار نوع جديد من العمل الصحفي أطلق عليه اسم “الصحافة الاستقصائية” نتيجة للتطور الهائل في وسائل الإعلام خصوصا الرقمية منها.

*
تهدف الصحافة الاستقصائية إلى تقديم الحقائق والوصول إليها بشكل أعمق مما تقدمه الصحافة المرئية أو المسموعة.

*
تتميز بتعاملها مع أدلة خاصة ومصادر غير معلنة وتسريبات وحقائق غالبا ما تكون غير مكتملة.

*
تسلط الضوء على قضايا خطية تعجز وسائل  الإعلام الأخرى عن تناولها بصورة معمقة وموضوعية، خاصة تلك  المتعلقة منها بالفساد.

*
تساهم بشكل مؤثر في تشكيل الرأي العام وتحريكه، مع التركيز على كيفية تناول القضايا ومعالجتها، مما يجعلها تقدم منتجات صحفية متميزة ومتعددة الأبعاد.

الفرق بين الصحافة التقليدية والاستقصائية - البحث

الصحافة الاستقصائية	الصحافة التقليدية
البحث
لا يمكن نشر المعلومات إلا إذا تم التأكد من ترابطها واكتمالها.	تُجمع المعلومات وتُرسل وفق إيقاع ثابت (يومياً، أسبوعياً، شهرياً).
يستمر البحث إلى أن يتم التثبت من القصة، وقد يستمر بعد نشرها.	يكتمل البحث بسرعة، ولا يتم القيام بأي بحث آخر بعد أن تكتمل القصة.
تقوم القصة على الحد الأقصى من المعلومات المُحصّلة، ويمكن أن تكون طويلة جداً.	تقوم القصة على الحد الأدنى الضروري من المعلومات ويمكن أن تكون قصيرة جداً.
يتطلب التحقيق الصحفي توثيقاً لدعم تصريحات المصادر أو إنكارها.	يمكن لتصريحات المصادر أن تحلّ محل التوثيق.

 

 

الفرق بين الصحافة التقليدية والاستقصائية - العلاقة بالمصدر

العلاقات بالمصدر
لا يمكن افتراض الثقة بالمصدر: فقد يُقدم المصدر معلومات مزيفة، ولا تستطيع استخدام أية معلومات دون التحقق منها.	الثقة في المصدر مُفترضة، وفي الأغلب دون التحقق منها.
تُخفى المعلومات الرسمية عن الإعلامي، لأن كشفها قد يعرض مصالح السلطات أو المؤسسات للخطر.	تُقدم المصادر الرسمية المعلومات للإعلامي مجاناً، لتُعزز دورها وتروّج لأهدافها.
يتحدى الإعلامي بصراحة الرواية الرسمية للقصة أو ينكرها، بناء على معلومات يستقيها من مصادر مستقلة.	لا مجال أمام الصحافي إلا قبول الرواية الرسمية للقصة، رغم أنه يمكن أن يعارضها بتعليقات أو بيانات من مصادر أخرى.
يجمع الإعلامي ويتصرف بمعلومات أكثر مما يتصرف به أي مصدر منفرد من مصادره وبمعلومات أكثر مما يتصرف بها معظم مصادره أو جميعها.	يتصرف الإعلامي بمعلومات أقل مما يتصرف بها معظم مصادره أو كلها.

 

الفرق بين الصحافة التقليدية والاستقصائية - النتائج

النتائج
في الأغلب لا يمكن تعريف المصادر لضمان أمنها.	المصادر دائماً مُعرّفة تقريباً.
يرفض الإعلامي قبول العالم كما هو، فهدف القصة اختراق وضع معين أو تعريته كي يصلحه، أو يدينه، أو في حالات معينة، تقديم مثال لطريق أفضل.	يُنظر إلى التحقيق الصحافي كانعكاس للعالم الذي يتم قبوله كما هو، ولا يأمل الإعلامي في الوصول إلى نتائج أبعد من مجرد إخبار الجمهور بموضوعه.
دون انخراط شخصي وحماس من الإعلامي، لن تكتمل القصة أبداً.	لا يتطلب التحقيق الصحفي انخراطاً أو حماساً شخصياً من الإعلامي.
يسعى الإعلامي لأن يكون عادلاً ومدققاً في حقائق القصة، وبناء على ذلك قد يحدد ضحاياها وأبطالها ومذنبيها، وقد يقدم الإعلامي أيضاً حكماً على القصة أو يصدر قراراً بشأنها.	يسعى الإعلامي لأن يكون موضوعياً قدر المستطاع دون تحيّز لأي طرف في القصة أو حكم عليه.
بنية القصة الدرامية ضرورية لتأثيرها وتقود إلى استنتاج يقدّمه الإعلامي أو المصدر.	البنية الدرامية ليست مهمة جداً في التحقيق الصحفي، وليس للقصة نهاية، لأن الأخبار مستمرة.
تُعرّض الأخطاء الإعلامي لجزاءات رسمية أو غير رسمية يمكن أن تُحطم مصداقية الإعلامية والوسيلة الإعلامية.	قد يرتكب الإعلامي أخطاء، ولكنها حتمية وعادة ليست مهمة.

 

 

مراحل التحقيق الاستقصائي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أهمية الصحافة الاستقصائية

تنبع أهمية الصحافة الاستقصائية من الوظيفة التي تؤديها، فهي تعد:

*
جزءا من العمل الرقابي التخصصي الصانع للرأي العام خصوصا إذا تبنت نتائجه الجهات السياسية.

*
كاشفة لفضائح وجرائم وفساد الساسة والمسؤولين وأصحاب المصالح.

*
أداة للوصول للحقيقة والوقوف على صحتها من عدمه، وأداة تعمق فهم الأحداث.

*
أداة مهمة لشروع أجهزة الدولة المختصة في فتح التحقيقات في جرائم المال والإدارة.

*
تشكــــل مصـــــــدرا مؤسســـــيا للمعلومات وقاعدة لبياناتها.

*
تمثــــل صحافــــة العمـــق ومستقبل الصحافة الحية الناجحة والمؤثرة مستقبلا.

ارتباط نهج عمل الصحافة الاستقصائية

الأسئلة الخمسة + كيف

في التحقيقات الاستقصائية كما التقارير التقليدية، تعتمد في تكوين المادة على الأسئلة الخمسة المعروفة: من؟ وماذا؟ وأين؟ ومتى؟ ولماذا؟ لكن يضاف إليها السؤال السادس "كيف؟".

العم دل الاستقصائي، يحاول الإجابة عن كل الأسئلة بدقة ووضوح. ولا يتم تطوير الأسئلة الخمسة كمياً فقط بل نوعياً أيضاً، كما يقول الصحفيان الاستقصائيان نلز هانسون ومارك هنتر، في كتاب (على درب الحقيقة - دليل أريج للصحافة الاستقصائية).

 

المنظمات العربية العاملة في الصحافة الاستقصائية

بعض تحقيقات الصحافة الاستقصائية العربية

*
تواطؤ أطباء وممرضين في مستشفيات القطاع العام في تونس.

*
إهدار مليارات الدولارات في مشكلة الكهرباء في لبنان وحصول شركة كارادونيز التركية على التلزيم دون الدخول في مناقصة مفتوحة.

*
 إهدار 112 مليون دولار على مشاريع ثقافية وهمية في العراق.

*
 
وقوع عاملات منازل موريتانيات ضحايا لاستغلال وسطاء محليين بهدف تسفيرهم إلى السعودية وتواطؤ الدولة مع وسطاء الاستقدام.

* إخفاء وسطاء السلاح التجاريين للتكلفة الحقيقية لصفقات السلاح الأمريكية لحلفائها في حرب اليمن

*
تواطؤ وزارة الداخلية في بقاء ملايين الأحكام القضائية في قضايا مالية دون تنفيذ في مصر.

أهم المنظمات الدولية العاملة في الصحافة الاستقصائية

*
مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، منظمة إعلامية غير ربحية في 34 دولة يعمل فيها عشرات من الصحفيين والعديد من المنظمات الإخبارية الإقليمية الرئيسة في جميع أنحاء أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. تغطي تحقيقاتها الفساد، وتهدف إلى بناء قدر أكبر من المساءلة من خلال الكشف عن إساءة استخدام السلطة على حساب الناس.

* أنتجت OCCRP أكثر من 90 تحقيقا عابرا للحدود، وزار موقع المنظمة عبر شبكة الإنترنت أكثر من ستة ملايين من القراء والمشاهدين في عام 2018. وتعتبر OCCRP بين أكبر منتجي المحتوى الاستقصائي في العالم.  في عام  2017، وصلت إلى 200 مليون من القراء والمشاهدين من خلال وسائل الإعلام التقليدية التي نشرت وعلقت وكتبت حول عملهم.

 قضية بنك ترويكا الاستثماري

*
قد كشف مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد الذي يقع مقره في سراييفو عن خطة عالمية لغسل 9,000,000,000  دولار أنشاها ويديرها أكبر بنك للاستثمار الخاص في روسيا له صلات وثيقة بالنخبة الحاكمة في البلد.

*
كانت مغسلة الترويكا تتيح للسياسيين الفاسدين وشخصيات الجريمة المنظمة غسل الأموال، والتهرب من الضرائب، وإخفاء الأصول في الخارج، وارتكاب جرائم مالية أخرى.

*
شملت التسريبات التي تم تجميعها من مصادر متعددة، أكثر من 470,000,000,000 دولار أرسلت من خلال 1,300,000 معاملة لأكثر من 238,000 فرد وشركة.

*
ICIJ   هي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، وهي مفجرة سلسلة تحقيقات أوراق بنما -أكبر عملية تسريب وثائق في التاريخ- وتضم شبكة الاتحاد 249 مراسلا من أفضل الصحافيين الاستقصائيين الموثوق بهم من أكثر من 90 دولة. ويشترك أيضا مع أكثر من 100 مؤسسة إعلامية عالمية، بما في ذلك BBC و New York Times و The Guardian بالإضافة إلى مراكز تحقيق إقليمية صغيرة غير ربحية.

* هو برنامج مدته ثلاث سنوات تديره مؤسسة تومسون رويترز بالتعاون مع بعض أفضل المؤسسات الأفريقية التي تلتزم بالتميز الصحفي. ويدرك البرنامج أنه بالرغم من الفقر الواضح في أنحاء القارة، فإن أفريقيا غنية للغاية بالموارد الطبيعية ورأس المال البشري.

يهدف ثروات الأمم لتشكيل إعلام قوي، مدرب بشكل جيد ومستقل ليستطيع أن يحقق في ويكشف التلاعبات المالية التي تمنع أفريقيا من الازدهار.

"قصص ممنوعة" هو مشروع غير هادف للربح أسسته شبكة أصوات الحرية. تتمثل مهمته في مواصلة ونشر عمل الصحفيين الآخرين الذين يواجهون التهديدات أو السجن أو القتل. الهدف من المشروع هو الحفاظ على قصص هؤلاء الصحافيين حية والتأكد من حصول أكبر عدد ممكن من المتابعين على أخبار غير خاضعة للرقابة حول مواضيع مهمة مثل البيئة، الصحة، حقوق الإنسان أو الفساد. في آذار (مارس) 2018، حصلت "قصص ممنوعة" على "جائزة العام الكبرى للصحافة" في قمة الصحافة السنوية الفرنسية  journalisme com

*
تأسس صندوق الصحافة الاستقصائية في عام 1969  على  يد  فيليب م. ستين. كان ستين مقتنعا بأن المبالغ الصغيرة التي يتم استثمارها في عمل الصحفيين المثابرين ستؤدي إلى نتائج هائلة في مكافحة العنصرية والفقر وجشع الشركات والفساد الحكومي. لقد أثبتت نظرية ستين صدقها في العام الأول للصندوق، عندما مكنت منحة صغيرة قدرها 250 دولار المراسل سيمور هيش من البدء في التحقيق في نصيحة تتعلق بمذبحة الجيش الأمريكي في قرية ماي لاي الفيتنامية.

على مدى خمسة عقود، منح الصندوق أكثر من 4.5 مليون دولار في شكل منح للصحفيين المستقلين والمؤلفين والمنشورات الصغيرة.

*
يعمل المركز الدولي للصحافيين في عمق علاقة الصحافة بالتكنولوجيا، وبناء الخبرات ومهارات سرد القصص للصحفيين في جميع أنحاء العالم. من خلال عملهم، يعزز الصحفيون تغطيتهم الإخبارية ويتواصلون بعمق أكبر مع جماهيرهم. نتيجة لذلك، يقوم المركز بزيادة تدفقات الأخبار الموثوقة والجديرة بالثقة التي تعد حجر الزاوية في الديمقراطيات الحقيقية.

ICFJ  هي منظمة غير ربحية عملت مع أكثر من 140.000 صحفي من 180 دولة.