رؤية الخبراء

أحدث التطورات في المملكة العربية السعودية في مجال الملكية الفكرية القانونية السعودية . الاستاذة تغريد المشاري

 

 تأسست الهيئة السعودية للملكية الفكرية بموجب القرار الوزاري رقم ٤١٠ بتاريـــــــــــخ ٢٨ / ٦ / ١٤٣٨ هـ  عام ٢٠١٧ م، بعد صدور موافقة مجلس الوزراء السعودي على إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية التي تعد إحدى مبادرات وزارة التجارة والاستثمار ضمن برنامج التحول الوطني ٢٠٢٠ الذي ينطلق من رؤية المملكة ٢٠٣٠ وما تتضمنه من دعم للتطور العلمي والمعرفي في جميع القطاعات.

 وهي منظمة حكومية تتبع وزارة التجارة والاستثمار، وهيئة سعودية لحماية وتنظيم مجالات الملكية الفكرية. يقع مقر الهيئة الرئيس في مدينة الرياض. تم تأسيسها رغبة في تنظيم العمل وتوحيد الجهود بعد أن كانت حقوق الملكية الفكرية في المملكة موزعة بين أكثر من جهة، وهي وزارة التجارة والاستثمار (العلامات التجارية)، ووزارة الثقافة والإعلام (حقوق المؤلف والحقوق المجاورة)، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (براءات الاختراع). لذا فإن إنشاء الهيئة يعتبر أكبر تنظيم لحقوق الملكية الفكرية عبر إيجاد مرجعية ترسم التوجهات المستقبلية التي تزيد من حماية حقوق الملكية الفكرية، وتسهم في رفع الثقة بها.

 

 يترأس مجلس إدارة الهيئة السعودية للملكية الفكرية وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، ويضم عضوية ممثلي كل من وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التعليم، ووزارة المالية، ووزارة الخارجية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة العامة للجمارك، بالإضافة إلى عضوية ممثلين عن القطاع الخاص.

 

وتتطلع الهيئة السعودية للملكية الفكرية إلى تحسين بيئة الأعمال ودعم الاقتصاد المعرفي، وفسح المجال أمام إبداعات وابتكارات الشباب السعودي، بالإضافة إلى الرفع من مستوى المملكة في مؤشر الابتكار العالمي، وتعزيز أعمال المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتسخير العوائد المالية لتطوير خدمات حماية الملكية الفكرية. بالإضافة إلى أنها تهدف إلى تنظيم مجالات الملكية الفكرية في المملكة العربية السعودية ودعمها وتنميتها ورعايتها واحترامها وإنفاذها والارتقاء بها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.

 وتتمثل رؤية الهيئـة السعودية للملكية الفكرية فـي أن تكون هيئة متكاملة للملكية الفكرية ذات اعتبار عالمي، ومحورا رئيسا للملكية الفكرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

وقد لوحظ الاهتمام الواضح بالقطاع الثقافي، ويندرج ذلك تحت تمكين وتشجيع المؤلفين والحرص على منحهم حقوقهم الفكرية والقانونية. ولا يخفى على أحد أن المملكة العربية السعودية تسعى بخطى سريعة وواضحة نحو ريادة عالمية في جميع مجالات التنمية. وقد ظهر ذلك جلياً في تفاصيل الرؤية المرسومة بدقة وأهدافها الشمولية في خصوصيتها. وتعد الملكية الفكرية وحفظ حقوقها عاملاً مهماً في الإسراع بخطى التنمية، وقبول المملكة في ترشيحها لمنصب رئيس جمعية الاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية (اتفاقية باريس)، وهي إحدى الجمعيات التي تديرها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، لمدة عامين. وتعد (اتفاقية باريس) مهمة للغاية لحماية الملكية الصناعية دولياً؛ فهي تهدف إلى القضاء على الأخطار المتعلقة بسرقة الاختراعات والعلامات التجارية واستخدامها في بلدان غير خاضعة لقوانين حماية الملكية. وهذه الاتفاقية تشمل البراءات والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية ونماذج المنفعة وعلامات الخدمة والأسماء التجارية والبيانات الجغرافية والتصدي للمنافسة غير المشروعة. وتتجلى أهمية الاتفاقية حين ندرك أن الصناعات المعتمدة على الملكية الفكرية توظف أكثر من ٣٠٪ وتمثل أكثر من ٣٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سابقاً. وقد تمكنت منظمة الويبو من تشجيع التكامل بين الملكية الفكرية وسياسات المنافسة.

 

 تبعاً لذلك، فقد تم قبول الترشيح لصالح المملكة العربية السعودية في الجمعية العمومية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية لتكون المملكة رئيساً لجمعية الاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية (اتفاقية باريس) لمدة سنتين، ممثلة بسعادة الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية د. عبد العزيز السويلم كرئيس للجمعية التي تعتبر إحدى الجمعيات التي تديرها المنظمة، ويبلغ عدد أعضائها ١٧٥ دولة. وتتولى الجمعية وضع برنامج أمانة المنظمة وميزانيتها -فيما يتعلق بالاتحاد- لفترة سنتين. وقد أبرمت (اتفاقية باريس) عام ١٨٨٣م، وانضمت إليها المملكة عام ٢٠٠٤ م.

 

وتم قبول الترشيح الآخر لتكون المملكة نائباً لرئيس جمعية اتحاد معاهدة التعاون بشأن براءات الاختراع (PCT) ممثلة أيضا بالرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية د. السويلم كنائب لرئيس الجمعية التي تعتبر أيضا إحدى الجمعيات التي تديرها المنظمة ويبلغ عدد أعضائها ١٥٢ دولة. وتتمثل أبرز مهام الجمعية في النظر بشأن تقارير وأنشطة المدير العام للمنظمة الخاصة بالاتحـاد واعتمادها، وتزويد المدير العام بكل التوجيهات اللازمة بخصوص المواضيع التي تدخل في اختصاص الاتحاد، وإقرار ميزانية السنوات الثلاث الخاصـة بـه، واعتماد حساباته الختامية، إضافة إلى تعيين إدارات البحث الدولي. وقد أبرمت معاهدة التعاون بشأن براءات الاختراع (PCT) عام ١٩٧٠م، وانضمت إليها المملكة عام ٢٠١٤م. وتم قبول جميع الترشيحات خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) والمنعقدة خلال الفترة من ٣٠ سبتمبر إلى ٩ أكتوبر ٢٠١٩ م.

 

كما وقعت الهيئة السعودية للملكية الفكرية في جنيف مذكرة تعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، لإنشاء مركزٍ للتدريب في مجال الملكية الفكرية. وستكون الهيئة هي المؤسسة الوطنية المكلفة بتنفيذ المشروع لتكوين الكفاءات وتسهيل الانتفاع بالملكية الفكرية في سبيل التنمية، حيث قام بتمثيل الهيئة الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية الدكتور عبد العزيز بن محمد السويلم. ومثل المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المدير العام السيد فرانسس غري. ومن شأن هذا المركز أن ينشر الوعي بكل ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية في المنطقة.

 

وتهدف هذه المذكرة إلى المساعدة في إعداد مناهج البرامج التدريبية والاستعانة بخِدْمات خبراء متخصصين من المنظمة لهم خلفية واسعة في تعليم الملكية الفكرية والإلمام بالاحتياجات المحلية، إضافة إلى التنسيق بين الهيئة والمنظمة (ويبو) لتقديم ما يلزم من مساعدة بما يضمن تنفيذ المشروع. ويستهدف المشروع فئات متنوعة وتخصصات مختلفة تتضمن كل من المحامين والقضاة والوكلاء والباحثين والفاحصين والمبتكرين والمبدعين من الطلاب والطالبات المهتمين بمجالات الملكية الفكرية.

 

وخلال شهر نوفمبر الماضي انعقد مؤتمر القانون السعودي في دورته الثانية، وقد حضره نخبة من المحامين والقانونيين والمحكمين وذوي الاختصاص القانوني. وخلال إحدى الجلسات الحوارية عرض الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية الدكتورالسويلم أبرز ما توصلت له هيئة الملكية الفكرية من إنجازات وأعمال وكيف يمكن أن نثمن تلك الإنجازات القيمة غير الملموسة للمنتجات.

وأكد السويلم على أن الهيئة السعودية للملكية الفكرية تعمل على تحسين تشريعاتها، وتقوم دائما بدور وسط بين ملاك الحقوق والمستفيدين منها، وأن ذلك من شأنه أن يخلق سوقًا جاذبة.

 

حماية الملكية الفكرية شكل من أشكال تشجيع الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية

 

الدخول في الاستثمارات الصحيحة أمر مهم في تعزيز قيمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق المحلية والعالمية. ومن شأن الاستثمار في الاختراعات والأجهزة والممتلكات والملكية وتطوير البرامج والتسويق والأبحاث أن يساعد بقدر كبير على تعزيز وضعية الشركة المالية من خلال توسيع قاعدة أصولها ورفع إنتاجيتها في المستقبل. ويمكن تحقيق أثر مشابه من خلال اكتساب الملكية الفكرية.

 لأن الأسواق تقوم بتقييم الشركات انطلاقا من أصولها ومعاملاتها التجارية الجارية وأرباحها المتوقعة في المستقبل. ويمكن التأثير بشكل بالغ في الأرباح المتوقعة في المستقبل من خلال اقتناء براءات أساسية ورئيسة. وهناك عدة أمثلة من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي شهدت زيادة بقيمتها في الأسواق بين يوم وليلة بفضل اقتناء براءات مهمة في المجالات التكنولوجية الرئيسة.

 

وكذلك تساعد العلامات التجارية الجيّدة ذات السمعة التجارية الحسنة لدى المستهلكين في تعزيز قيمة الشركة، وقد يكون لها دور كبير في جعل منتجات الشركة وخدماتها أكثر جاذبية للمستهلك.

والاستثمار الذكي بالوقت الحالي يكمن في تكوين حقيبة متينة من الملكية الفكرية ليس بهدف أن يكون إجراءً دفاعيا ضد المنافسين المحتملين، بل إنه وسيلة ترمي إلى زيادة قيمة الشركة في الأسواق وتحسين إمكانية تحقيق الأرباح في المستقبل.

 

لذلك، فإن الهيئة السعودية للملكية الفكرية لديها استراتيجية تراعي فيها أفضل الممارسات العالمية للملكية الفكرية لتكون ممكنا لحماية التنافسية في المملكة وتسهم في الارتقاء بالاقتصاد الوطني لمصاف أكبر وأقوى الاقتصادات عالميا. وهي تقوم على محاور أهمها: تحديث أنظمة الملكية الفكرية ولوائحها التنفيذية، وتوفير منتجات وخدمات الملكية الفكرية بكفاءة وجودة عالية، والرفع من مستوى الوعي بحقوق الملكية الفكرية، وتوجيه منظومة الملكية الفكرية في المملكة، وتوفير معلومات الملكية الفكرية وتعزيز الاستفادة منها، والتعاون مع جهات إنفاذ الملكية الفكرية، والتعاون مع منظمات الملكية الفكرية، وتمثيل المملكة والدفاع عن مصالحها.

 

مواضيع مرتبطة