مقالات

رحلة كفاح طالبة قانون . فرح الصدى

يكون الشغف فتكون التضحية، ويكون الإصرار ليكون النجاح. تجذر حب القانون في أحشائي منذ طفولتي، وكانت رغبتي بارتداء الروب الأسود جمة. ولا شك أن بيئتي المحيطة بي دفعتني لاستكمال ما حلمت به؛ فأكثر من هم في عائلتي مستشارون، وقضاة، ومحامون. وزاد إصرارهم حين قمت بتأليف إصداري الأول في المرحلة الثانوية؛ فقد كان إصدارا قانونيا يحمل في طياته 14 قضية واقعية سُردت بتحليلات نفسية من قبل الاستشارية النفسية دلال الردعان. نظرت إلى نفسي نظرة تفاؤلية ومستقبلية عبر هذا الإصدار؛ حيثُ تصورت نفسي كمحامية تطرح قضاياها في مكتبها، أو في السجن المركزي. وقد وضعت عنوانا لإصداري (عُقد تستوجب الحل)، ولله الحمد صدر في ٢٠١٨ ونال استحسان الكثيرين. تخرجت وأنا أضع الحقوق نصب عيني. قدمت على كلية الحقوق في جامعة الكويت وفرحت فرحة عارمة حين تم قبولي فيها. وما أبهجني حقا هو أنني حين قابلت النائب د. عبد الكريم الكندري في اللقاء التنويري للمستجدين، قال لي "أنتِ التي ستكونين نورًا للعدالة". بدأ الدوام الجامعي ومعه ابتدأ خوفي وقلقي؛ هل سأتكيف مع الطالبات؟ هل سيتفهم أعضاء هيئة التدريس حالتي؟

جردت نفسي من مشاعر القلق واستبدلت بها مشاعر الإصرار والتفاؤل. أخذت أشرح لكل دكتور إعاقتي البصرية، وآليات دراستي. استقبلوني بكل رحابة صدر. لكن الصعوبة كانت تتجسد بتحويل الكتب إلى طريقة برايل، ما يترتب عليه مبالغ باهظة، ووقت طويل للانتهاء منها، فذلك يعيقني من الدراسة أولا بأول، ومن المشاركة مع الدكتور في الفصل. وواحدة من الصعوبات أيضا كانت في عدم توفر كتاب في جامعة الكويت لحل اختباراتي، إلى جانب قيام بعض أعضاء هيئة التدريس بمنع تسجيل المحاضرة، رغم أن الكتابة مع الدكتور في الفصل صعبة جدا لكونه يتحدث بسرعة فلا يسعفني الوقت دائمًا لأتابع معه. لكن كل تلك الصعوبات لم تمنعني من تحقيق حلمي؛ فكل شيء يقابله ضرائب قد تكون باهظة، حتى الأحلام. أصدرت مؤلَّفي الثاني في ٢٠١٩ حين كنت في سنتي الجامعية الأولى بكل صعوباتها. وشاركت في معارض الكتاب. وحظيَ إصداري الثاني بإقبال كثيف وكان بعنوان (31 من كانون الثاني). وهو رواية رومانسية تتحدث عن تكيف المكفوفين في المجتمع. وكانت الصعوبة هنا تكمن بتأليف وإصدار الكتب بالنسبة لي؛ فبرنامج الوورد لا يتفق مع VoiceOver الموجود في هاتفي، ومسوداتي الورقية كانت تحتاج لمن يقرأها، وفي حفل توقيعي احتجت لمن يوقع الكتاب للجمهور. لكن كل هذا اجتزته، وسأظل أتقدم وأجتاز. وها أنا أخط طموحي معكم، وأتخرج من كلية الحقوق بمعدل امتياز، وأصبح محامية دولية، وأنشر المزيد من الإصدارات، بل وأُؤسس لي دار نشر.

مواضيع مرتبطة