رؤية الخبراء

تجربتي البرلمانية بين الواقع والتحديات عضو مجلس الأمة السابق أستاذ مشارك -كلية التربية -جامعة الكويت . د سلوى عبدالله الجسار

يمثل  التوسع في زيـادة مشـاركة النسـاء في الحيـاة السياسـية وضـمان دخولهـن المعـترك السـياسي أمـر ًا هاما وحيوياً ، فقد اصبح تواجد المرأة في برلمانــات العــالم حقيقــة وواقع يؤثرعــلى النســيج الاجتماعــي والســياسي والاقتصـادي والثقافي لدول العالم ،والكويت نموذج رغم حداثة التجربة السياسية من حيث (الترشح والانتخاب ) . ومـع ذلـك، فـإن وصول اربع نساء بالانتخاب الحر لأول مرة في العام ٢٠٠٩  إلى المؤسسة التشريعيـة الهامـة والمشاركة في الرقابة والتشريع من خلال اللجان والجلسات ،أظهر تأثير واضح في ردود فعل مكونات المجتمع الكويتي ، من حيث القبول والرفض. فلازالت الممارسة السياسية في العمل البرلماني للمرأة الكويتية تشكل تحدي  كبـير يجـب العمل على توجيه الجهود للتغلب  عليهـا لضـمان وجـود مؤسسـات ديمقراطيـة فعالـة، تظهر وتمارس الاحترام  الكامـل لحقـوق المواطنين . لذا نؤكد هنا اننا في الحاجـة إلى جهـود منسـقة لاسـتهداف جميـع مراحـل المشـاركة السياسـية للنساء مـن لحظـة اتخاذهـا قـرار الترشـح لهـذه الوظيفـة العامـة وحتـى وصولهـا الى البرلمان،  وذلـك لضـمان امتلاكهـا - بوصفهـا عضـوًافي البرلمـان كافة  المـوارد التي تمكنها من القيام  عـلى التأثـير بشـكل إيجـابي على اهم القضايا التي تهم جميع المواطنين من النساء والرجال .لذلك يجب الاسـتمرار في تعزيـز جميع  الأدوات المتاحـة

أمـام النسـاء ( من دعم الاسرة ، والمجتمع ، وجمعيات النفع العام ، والإعلام ، ومؤسسات الدولة ) . لان في تجربتي البرلمانية استشعرت أهمية مستويات هذا الدعم في وصول النساء الى البرلمان . لان للأسف لازالت هناك العديد من التحديات التي تشكل هاجس يقف امام نجاح المرأة في الحصول علي مقعد نيابي والتي أهمها :

- تحديات تربوية اجتماعية ترتبط في وعي الأسر حيث الكثير منهم يرى ان العمل السياسي ليس له مكان للنساء

- التحديات السياسية  وللاسف خاصة عند الطبقة المتعلمة والمثقفة في عدم ثقتهم في قدرات  النساء ، فلازال تصويت  الناخب سواء رجل أو إمرأة  ليس حر ، كما ‏ان النمط الذكوري لازال مسيطر على الحياة السياسية ، فهم الذين يصوغون قواعد اللعبة السياسية ، وحيث انهم يَرَوْن المرأة حديثة بها ،و أن الحياة السياسية تحدد وفق معايير للرجال وهذا ما يحدث خلال فترة الانتخابات عندما تأصلت  فكرة ( الانتصار أو الهزيمة وليست فكرة التعاون والتوافق ) .

-  الاسـتمرار في النقـاش المتعلـق بمشـاركة النساء في الشأن  السياسـي فهو يأخذ جدلا واسعا من الشد والجذب بعكس تجربة الرجال والتي البعض منهم أصابها الفشل الذريع والاحباط ،لكن لازال منهم من يفوز بالانتخابات بأصوات النساء رغم عدم كفاءة أدائهم والتي أفرزت نتائج سلبية منها :  ١- إحداث  خلل في منظومة المؤسسة البرلمانية من حيث عدم الالتزام في اخلاقيات العمل النيابي ، ٢-الأمية الثقافية السياسية لدى بعض النواب في متابعة وتقديم ماهو جديد ، ٣- البحث فقط مايخدم القواعد الانتخابية وليس المصالح العامة التي تخدم جميع مكونات المجمتع ،٤- ارتفاع كلفة التشريع في إقرار قوانين مالية تحمل الدولة مبالغ إضافية دون دراسة نوعية، ٥- تدني لغة  الخطاب السياسي ٦- عدم الالتزام في حضور اللجان رغم التسابق علي الحصول على عضويتها بهدف استخدام الابتزاز السياسي على الوزراء .  

- ‏الوعي الثقافي لا يعطي للمرأة المساحة الكافية مثل الرجال للتعاطي السياسي في أبداء الرأي في قضايا تهم المواطن ( حيث ارتياد الرجال للدواوين ساهم في ذلك ) .

- تراجع دعم الاعلام للنساء وتعزيز مكانتهم في الشأن السياسي حيث اصبح مختزل لتوجهات وأفكار لاتخدم المرأة ، ومايقدم من جهود هي فردية ومحدودة لفترات فقط لتواكب حدث مؤقت، وهذا انعكس على تهميش إنجازات النساء وابراز دورهم التنموي الذي حققته في الدولة في مراكز قيادية متنوعة .

- لايزال الاعتراف في وجود النساء في البرلمان يثير حالة من الجدل والرفض خاصة عند التيارات الاسلامية ،رغم ان نساء هذه التيارات تعمل لايصال الرجال فهم يشكلون الرقم الاصعب .

-لأن احتـكار الرجـال للعمليـة السياسـية ولسـن القوانـين التـي تؤثـر عـلى أجندتهم الانتخابية أدى  إلى  اختـلال تـوازن المصالـح بـين الرجـال والنسـاء، وهذا ماوجدته في انتخاب عضوية اللجان داخل المجلس ، كما ان نقد المرأة فقط لانها إمرأة ولكن قليل من يتحدث عن الإنجازات التي قدمتها النساء ، اذا لماذا لانضع إنجازات الرجل تحت المجهر أيضا لنحكم على فشلها أو نجاحها!!

- تجربتي أكدت ان النسـاء على استعداد في المشاركة الفاعلة من حيث :الالتزام في حضور اجتماعات اللجان والجلسات ،وتقديم القوانين والمقترحات ، التواجد في الفعاليات المتعددة في الدولة ، المبادرة في تقديم الحلول وليس إنصافها .

فخلال تجربتي البرلمانية قدمت :

٢٧ مشروع قانون ، تم إقرار البعض منهم

٤٣ اقتراح  برغبة

٢٤ سؤال برلماني

على مستوي لجنة المرأة والاسرة  :تم تقديم ١١ تعديل على قوانين ومقترحات والتي تم إقراراها في العام ٢٠١١:

١- قانون رقم (١) تعديل احكام القانون ٣٠ لسنة ١٩٦٥بانشاء بنك التسليف شمول بعض فئات المواطنات الكويتيات والمواطنين الكويتين الذين لم يشملهم القانون

٢- قانون رقم ٢ اقتراح تعديل بعض احكام القانون ٤٧ في شان الرعاية السكنية

٣- قانون رقم ٦ بشأن إقامة الأجانب

تم إقرار قرارات في ديوان الخدمة المدنية :

- الإجازة الخاصة بالامومة

-منح الموظفة اجازة خاصة لمرافقة طفلها المريض

- تعديل احكام الإجازة الخاصة

-قرار منح الموظف أو الموظفة اجازة بمرتب لمرافقة الزوج أو الزوجة

المرأة والفرعيات  :

المال السياسي سواء ماديا أو اجتماعياً ، يشكل من أخطر الأدوات التي تخيم على نزاهة الانتخابات ونتائجها ، وخطورته هو استخدام النساء لشراء أصوات النساء على اعتبار انهم لايحضرون الانتخابات الفرعية أو التشاوريات ، وهذه جريمة ، واخطر الجرائم لانها تُستخدم وتستغل المرأة ، وهذا يشكل انتهاء واضح لحقوق النساء في عدم احترام رغباتهم في اختيار من يرشحهم ،  وانا أراه انه احد الأسباب ‏الذي يؤدي إلى عزوف بعض المرشحين من المشهد السياسي لان رفع الكلفة المالية للحملات الانتخابية  فالنساء وبعض الرجال لايملكون القدرة المالية لذلك ، كما ان المال السياسي اصبح قوة جبارة للأسف تحرك الكثير من المرشحين والناخبين حتي اصبح يسيطر علي عدد من المناطق والدوائر الانتخابية بان

(الذي لايملك المال ،لايمكن ان يفوز) ولهذا اصبح استخدام النساء اداة سهلة .

وأما المال السياسي الاجتماعي هو سيطرة السطوة القبلية ، والطائفية والاجتماعية على اختزال أصوات الناخبين لهم دون معيارالكفاءة ، وتكون المرأة هي أفضل اداة في توجية صوتها بحكم ضغوط الاسرة وأفرادها ولهذا أصبحت الديموقراطية الكويتية منقوصة وغير مكتملة رغم ان تكوين المجتمع الانتخابي من الشباب المتعلم والذي تصل نسبته الي اكثر من

٦٦٪؜ من اجمالي الناخبين .

التصويت لمرشحة الاعلي في ريتويت !!!

هذا يمثل جهل سياسي خطير ،ليس للمرشحة ‏بل أيضا للمرشح، الْيَوْمَ نحن امام أزمة سياسية خطيرة في تشويه العمل السياسي البرلماني الكويتي ، وهو غياب المصداقية والنزاهة في اختيار من يمثل الناخب  في البرلمان وذلك بناء على الكفاءة والنزاهة .وللاسف مؤسسات الدولة وبعض المواطنين  ساهموا  في ذلك الى جانب غياب الرقابة وعدم تطبيق  القوانين قد وسع في استمرار هذا الفساد السياسي،  ووصول من لايستحق الي البرلمان .

كما ان البرلمان لم يأخذ هذا الموضوع محمل الجد في فتح ملف الفرعيات والمال السياسي

سواء المادي ، أو تنفيذ معاملات غير قانونية وغيرها ، ولهذا في تجربتي البرلمانية فوز بعض أعضاء المجلس في لجان البرلمان لايمت في صلة في التخصص أو الخبرات التي يمتلكها النائب ،مما أدى الى استغلال عضوية بعض اللجان الى فرض حماية وتحصين لبعض الوزراء في تمرير أو رفض القوانين والمقترحات ،وهذا ماشوه الممارسة السياسية بين اهم سلطتين التشريعية والتنفيذية .

 

 

 

 

 

 

 

مواضيع مرتبطة