مقالات

المرأة الكويتية والبرلمان المحامية . نور محمود بن حيدر

مع إعلان مجلس الوزراء الموافقة على مرسوم الدعوة للانتخابات البرلمانية الثامنة عشرة في تاريخ الكُويت والتي حددت بتاريخ 5 ديسمبر 2020 بالنظام الانتخابي  (الصوت الواحد)، يتبادر إلى ذهني العديد من الأسئلة:

  • ما هي حظوظ المرأة في هذا المجلس؟

  • ما هي الأسباب وراء انخفاض نسبة نجاح النساء ووصولهن لكرسي البرلمان؟

  • هل يرجع ذلك إلى الناخبين والناخبات أم للمرشحات أنفسهن؟

  • ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجهها المرأة المرشحة؟

  • وما هي الصفات التي من الواجب أن تتحلى بها المرشحة لتقربها من الفوز بكرسي الأمة؟

بدايةً يجب أن نؤكد على أن تجربة دخول المرأة للعمل السياسي هي تجربة حديثة في الكويت؛ فلا يجوز الحكم على أداء المرأة بناءً عليها، فالرجل الكويتي يتمتع بحقه الكامل في الانتخاب والترشح منذ بداية الستينات. أما المرأة فقد نالت حقوقها السياسية عام 2005، أي أن تجربتها السياسية لا تتجاوز 15 عاما،  في حين أن تجربة الرجل تقارب الستين عاما.

دخلت المرأة كممثل عن الأمة ونجحت في  الانتخابات البرلمانية عام 2009 بفوز 4 سيدات:

د. معصومة المبارك / د. أسيل العوضي / د. رولا دشتي / د. سلوى الجسار

وهذه هي التجربة الأعلى للمرأة منذ حصولنا على حقنا في الانتخاب والترشح. أما في المجلس السابق وللأسف فلم تنجح إلا امرأة واحدة فقط وهي السيدة / صفاء الهاشم.

إن نظام الصوت الواحد يُعدُ من أبرز المعوقات أمام وصول المرأة إلى قبة البرلمان؛ وذلك لأنه يصب في مصلحة المرشح المدعوم طائفياً أو قبلياً أو من يدفع أكثر. فبدل أن تكون عملية الاقتراع محكومة بعامل الكفاءة والمهنية والقدرة على تمثيل الناخبين أصبحت محكومة بعوامل فئوية وقبلية وطائفية.

وهناك تحديات تواجهها المرأة الراغبة بخوض المعترك السياسي، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو أسري ومجتمعي.

الذاتي: ويكمن في بناء شخصية صلبة قادرة على خوض هذا المعترك، والتمتع بفن الخطاب والأسلوب السلس المقنع، والتحلي بالصبر والتواضع، وتقبل الآراء المخالفة، وتقبل الرفض، وضرورة الاطلاع على الشأن العام، ودراسة الخلفية الثقافية للفئة المستهدفة ببرنامجها الانتخابي، ووضع أهداف واضحة تمس الشريحة الأكبر من الناخبين، وتأهيل نفسها من قبل إعلان رغبتها بالترشح الذي يجب أن يسبق الانتخابات بفترة زمنية ليست بقصيرة.

ومن الضروري على المرأة الأخذ بعين الاعتبار أننا في مجتمع محافظ يهتم بالمظهروالشكل العام، فعليها أن تهتم وتراعي سلوكها ومظهرها وكلامها أمام ناخبيها (ونحن هنا لسنا بصدد أن نعبر عن رأينا بصحة وقبول ذلك من عدمه أو مطابقة الأمر نفسه على الرجل).

ومن المهم جداً التواصل المباشر مع الناس ومشاركتهم بالأفراح والأحزان؛ فالمجتمع الكويتي مجتمع عاطفي متقارب تسوده المودة والتآلف، والتواجد بقرب الناس والعامة والتواضع معهم أمر مهم جداً ويساعد المرشحة بكسب ثقة ناخبيها، ما يقربها لكرسي الأمة.

العائلي: حيث تزيد فرص نجاح المرأة التي تحصل على الدعم من العائلة. من المهم جداً تقبل الأهل والعائلة لفكرة ترشح ابنتهم للانتخابات وتعاونهم معها؛ فوجود فريق داعم لها يزيد من ثقتها بوضعها الانتخابي ويوسع من قاعدتها الانتخابية، حيث أن الفريق سيسهل عليها دخول التجمعات والدواوين والوصول لشريحة أكبر من الناخبين. وتجدر الإشارة هنا إلى ميزة تستفيد منها المرأة بعكس الرجل؛ وهي قدرة المرأة على دخول الدواوين الرجالية والتجمعات النسائية وكذلك التجمعات العائلية المختلطة في دائرتها الانتخابية بأريحية، في حين يصعب على الرجل الدخول في تجمع لعائلة لا يوجد له علاقة قرابة بها أو نسب.

المجتمعي: فبالرغم من أن عدد الناخبات النساء يفوق عدد الناخبين الرجال، إلا أن ثقافة المجتمع تؤثر كثيراً في وصول المرأة لقبة البرلمان؛ فنرى أن أغلب الناخبين والناخبات يثقون بأداء الرجل أكثر من المرأة ويعتقدون أن الرجل هو الأنسب لعضوية البرلمان وللعمل السياسي.

*الناخبين في الكويت (2007)

النساء: 271،572           52.3%

الرجال: 248،052          47.7%

ويقول البعض أن اهتمام المرأة بالسياسة في مجتمعنا أقل من اهتمام الرجل به. ويمكن أن يرجع ذلك لعدة أسبابن منها تأخر حصول المرأة على حقها السياسي، وكذلك ثقافة التحجيم والإقصاء التي تتعرض لها المرأة في مجتمعاتنا.

والتغلب على ذلك يكون بنشر الوعي بأحقية المرأة باختيار من يمثلها ومن يتوافق مع فكرها ويدعم مطالبها، وهو واجب مجتمعي يقع على عاتق الجميع ابتداءً من المرأة نفسها والأسرة وانتهاءً بالحكومة التي يجب أن تدعم وتساهم في تمكين المرأة من المشاركة في الحياة السياسية.

ومن المهم الإشارة إلى أن المرأة بدخولها مجلس الأمة فهي تمثل جميع المواطنين، ذكوراً وإناثاً، فيجب عليها أن تخاطب كل من الرجل والمرأة. صحيح أن تبني قضايا المرأة هو أمر مهم ولكن ذلك لا يعني أن تخاطب المرشحة النساء فقط.

 ختاماً أتمنى أن تكون للمرأة حظوظ أكبر في هذا المجلس، وأن يكون الناخب أكثر وعياً في اختياره للمرشح الأكثر كفاءة وإخلاصا ومن يكون على قدر المسؤولية لانتشال البلد من الفساد، ويقودنا للإصلاح.

فأمامنا فرصة ثمينة وواجبنا استغلالها لكُويت أفضل.

(إن عملية الانتخاب على أهميتها لا تمثل إلا الجانب الشكلي من الديمقراطية، فهي أمانة ومسؤولية وطنية كبرى تتحقق بمراعاة الله والضمير في حسن اختيار ممثلي الأمة ومتابعة أدائهم وسلامة ممارساتهم البرلمانية في تجسيد الرقابة الجادة والتشريع البناء والالتزام بأحكام الدستور نصاً وروحاً والعمل على محاسبتهم، كما أدعوكم بأن تكون فزعتكم جميعاً للكويت وأن يكون الولاء لها أولاً وأخيراً.)

من خطاب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.

مواضيع مرتبطة