رؤية الخبراء

الخبرة السياسية للمرأة بالولايات المتحدة الأمريكية رئيسة لجنة المحاميات مجموعة “المرأة بمجال القانون” في نقابة المحامين بولاية نيويورك . تيري أيه مازور

2 نوفمبر 2020، مؤتمر المرأة والسياسة بالشرق الأوسط

الخبرة السياسية للمرأة بالولايات المتحدة الأمريكية

Terri Mazur, Esq. Chair, Women in Law Section of the New York State Bar  Association

إن المرأة هي أحد قوى التغيير، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في جميع أنحاء العالم، في المجالين السياسي والتجاري، فهنا في الولايات المتحدة مثلت المرأة أحد قوى التغيير منذ أن كنا مستعمرة إنجليزية، ومن بدايات عام 1600 وحتى بدايات العام 1800 أثرت المرأة على السياسة والتجارة على الرغم من حرمانها من حق الاقتراع أو تولي أي مناصب حكومية، بدأنا حركة "حق المرأة في الاقتراع" في عام 1848 واستغرق الأمر 72 عام حتى نجحت المرأة الأمريكية في الحصول على حقها في التصويت بحلول عام 1920، وفي عام 1960 نشأت حركات الحقوق المدنية وحركات تحرير المرأة التي أدت إلى تمكين النساء (بمن فيهم ذوات البشرة السمراء) من السعي للحصول على  مناصب سياسية، وفي عام 1970 دفعت "الحركة النسوية السمراء" الزنجيات إلى مجال السياسة وغيره من المجالات، كما بدأت حركة "أنا أيضا" في عام 2017 محدثة أثرا ثوريا في طريقة التعامل مع التحرش الجنسي ليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في أنحاء عديدة بالعالم حيث أدت إلى إسقاط العديد من الرجال البارزين بالإعلام والتجارة والسياسة، وفي عام 2020 سجلنا عدد من النساء اللاتي سعين لنيل الترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة (وعددهن ستة) والآن لدينا أول امرأة سمراء على قائمة مرشحي الرئاسة بالحزب الديمقراطي.

إن سدنة فكر التفرقة بين الجنسين بالولايات المتحدة كحالهم في بقية أنحاء العالم هم أحد العوامل التي تمنع المرأة من تولي المناصب السياسية، ولا أظن أننا سنقضي على تلك التفرقة إلا حينما تصعد المرأة إلى سدة الرئاسة، وكذلك عندما نحظى بنسبة 50-51% من النساء كأعضاء في الكونجرس والأعمال الرئيسة بما في ذلك المناصب القيادية والإدارية في المجال المهني القانوني.

إن تنوع نماذج الأدوار في المجال السياسي وكذلك باقي مجالات الحياة لأمر حيوي في كيفية تقييم السيدات والفتيات لأنفسهن وإدراك ما نستطيع نحن النساء الإضطلاع به، وجريا على مقولة هالا توماسدوتير (سيدة أعمال من أيسلندة، ومتحدثة في المجال العام، ومرشحة رئاسية في أيسلندة 2016) "كل ما نستطيع رؤيته نستطيع تحقيقه"، إننا بحاجة إلى التنوع في قياداتنا السياسية لأن "تنوع الخبرات يؤدي إلى تنوع الفكر" كما تقول ميشيل أوباما، إن اختلافاتنا تجعلنا جميعا أذكى وأمهر وأكثر إبداعا، والتنوع من خلال تولي المرأة للمناصب القيادية هو مورد هائل الأمكانات يجب استغلاله لا تجاهله.

تأثير المرأة في السياسة

إن ترشح السيناتور كمالا هاريس منذ شهرين لمنصب نائب الرئيس كان أمرا تاريخيا صارت بموجبه أول امرأة ملونة يرشحها حزب رئيس لهذا المنصب، بترشيح الحزب الديمقراطي للسيناتور كمالا هاريس على قائمته لانتخابات رئاسة الولايات المتحدة هذا العام تنضم بذلك الترشيح إلى ثلاث نسوة سبقنها في الترشح لهذا المنصب وهن: مرشحة الحزب الديمقراطي جيرادين فيرارو حيث كانت أول امرأة ترشح لمنصب نائب الرئيس في عام 1984، تلتها مرشحة الحزب الجمهوري سارة بلين أول مرشحة من الحزب الجمهوري لهذا المنصب في عام 2008، ثم بعدها بثمانية أعوام رُشحت هيلاري رودهام كلينتون في سابقة تاريخية كأول امرأة مرشحة عن حزب رئيس لمنصب رئيس الولايات المتحدة في انتخابات عام 2016.

أما بالنسبة للمجالين القانوني والتجاري، فإن وجود امرأة على الطاولة السياسية أمر في غاية الأهمية، ففي الولايات المتحدة عام 2019 كان هناك ما يربو عن 164 مليون امرأة بالولايات المتحدة – أي بنسبة 50.52% من تعداد السكان، ومثل النساء نسبة تقرب من 57.4% من القوى العاملة، وكانت نسبة العائل المنفرد حوالي 23% كان للمرأة النصيب الأكبر منها عن الرجل.

إن عدد المرشحات لانتخابات الرئاسة في عام 2020 أثار نقاشا بالمجال العام ورفع الوعي حول كيفية قبول المرأة ومعاملتها واستبصار دورها كمرشحة قادرة على الاستمرار والمواصلة، لا سيما في الوقت الراهن مع اختيار السيناتور كمالا هاريس كمرشحة لمنصب نائب الرئيس – حيث عادة ما تواجه النساء ممن يشغلن المناصب الرسمية والمرشحات لها بالتعليقات التي تحمل إيحاءات جنسية وعنصرية ويتعرضن للتمييز والتنميط، الأمر الذي يعد عقبة في طريق تولي المرأة المناصب القيادية بالخدمة العامة (والمجالات الأخرى)، إننا بحاجة إلى أن تتولى المرأة المزيد من المناصب الرسمية: فالسيدات الرائدات بالحكومة يعتبرن النموذج العملي للفتيات والسيدات، كما أن زيادة التنوع ستؤدي إلى إدارة أفضل.

تاريخ المرأة بالمجال السياسي

لقد ساهمت المرأة في صياغة تاريخ السياسة الأمريكية حيث انخرطت النساء بالعمل السياسي منذ أن كانت الولايات المتحدة ما تزال مستعمرة انجليزية وحتى قبل أن تصير دولة مستقلة، وقبل حصول المرأة على حق الاقتراع، العديد من النساء حاولن إحداث التغيير ونجحن في ذلك، فمثلا عملن على تشكيل المنظمات التي تضطلع بقضايا معينة، وتطوير وصياغة التشريعات المهمة، والدفاع عن حقوق شركاء الوطن وغير ذلك الكثير والكثير.

منذ بواكير الأيام الأولى لوطني، كان للمرأة دور مؤثر في السياسة حتى مع إقصائها من المناصب العامة وحرمانها من حق الاقتراع بسبب نوعها، ولأعوام عديدة كان هناك القليل من النساء فقط يملكن الأراضي في المستعمرات ولاحقا في بعض الولايات القليلة كان للمرأة حق التصويت، ولكن في الأيام الأولى للولايات المتحدة كأمة كانت النساء تشهد التجمعات، ويستضفن المنتديات وينظمن الجمعيات التي تهدف إلى مساعدة النساء الفقيرات والأطفال، وشاركن في الحركات الإصلاحية المناهضة للحانات والرق، وعلى الرغم من حرمان غالبية النساء من حق التصويت كان للمرأة دور مؤثر في الحياة السياسية منذ ميلاد هذه الأمة، وأحد هذه الأمثلة المبكرة أبيجيل آدمز حرم الرئيس جون آدمز (ثاني رئيس للولايات المتحدة الأمريكية) التي كانت المستشار وأمين سر الرئيس، حيث تصدت للرق ودافعت عن حق المرأة في التعليم، وكانت دائما تحث زوجها "ألا ينسى النساء".

حركة حق الاقتراع (1848 – 1920)

شارك كل من الرجال والنساء في الكفاح الممتد لحصول المرأة على حق التصويت بالولايات المتحدة، خمسة نساء بدأن حركة حق الاقتراع في ولاية نيويورك عام 1848 أثناء مقابلتهن لتناول الشاي قمن بتنظيم أول مؤتمر لحقوق المرأة في بلدة شلالات "سينيكا" في شمال ولاية نيويورك، وتم إقرار "إعلان المشاعر" بالمؤتمر حيث نص "إننا نعلن هذه الحقائق كبدهيات واضحة بذاتها: أن جميع الرجال والنساء خلقوا سواسية" كما أقر إعلان المشاعر أيضا أن الحكومة والمجتمع قد استضعفا المرأة بسلب حقوقها سواء بالحد من مشاركتها وتمثيلها بالحكومة، حرمانها من التملك بالزواج، عدم المساواة في قانون الطلاق، وفرص التعليم، والتوظيف، والكسب، وقع الأعلان 68 سيدة و32 رجل، وقد خاضت المرأة معركة حق التصويت على جبهتين؛ تمثلت في الجهود الموجهة في كل ولاية على حدة لمنح المرأة حق الاقتراع حيث كللت هذه الجهود بالنجاح في عدد من الأقاليم والولايات بالغرب قليلة الكثافة السكانية حيث حصلت المرأة على حق التصويت قبل الولايات الغربية بزمن طويل، كما فعلت ولايات الجنوب والغرب الأوسط الشيئ ذاته، كما طالبت نساء أخريات بإجراء تعديلات على الدستور، وكان كل من إليزابيث كادي، وسوزان بي أنطوني، وكاري شيبمان كات، ولوكريتيا موت، وماري تالبيرت، وهارييت ستانتون بلاتش، وهيستر جيفري رائدات حركة حق الاقتراع، وفي الخمسة عشر عام الأولى من القرن العشرين اكتسبت حركة حق الاقتراع زخما إضافيا، كما أن مشاركة النساء في أعمال الحرب أثناء الحرب العالمية الأولى كانت سببا لدعم الرئيس وودرو ويلسون لمنح النساء حق التصويت، وأخيرا اعترف الكونجرس "بتمكين المرأة"، وبعد اثنين وسبعين عاما من مؤتمر بلدة شلالات "سينيكا" صدر التعديل التاسع عشر على دستور الولايات المتحدة الأمريكية وحصلت المرأة أخيرا على حق التصويت والاقتراع في أغسطس 1920.

صعود المرأة في السياسة الأمريكية

لم يكن بالكونجرس أي سيدات قبل عام 1917، وكانت إليزابيث كادي (إحدى رائدات حركة حق الاقتراع) أول مرشحة لمقاعد الكونجرس في عام 1866، وقد رشحت مستقلة عن ولاية نيويورك وخسرت الانتخابات بعد أن حصدت 24 صوت من جملة الأصوات البالغة 12000 صوت، وبعد ذلك بخمسين عاما أصبحت جانيت رانكين من ولاية مونتانا أحد أكثر النساء تأثيرا في الحياة السياسية في بدايات القرن العشرين عندما رُشحت لانتخابات مجلس النواب بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1916 لتصير بفوزها أول امرأة عضو بالكونجرس بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان ذلك إنجازا إعجازيا لاسيما وأن ذلك الفوز كان قبل صدور التعديل التاسع عشر على الدستور بمنح المرأة الحق في التصويت والاقتراع، وفي عام 1922، أصبحت ريبيكا فيلتون من ولاية جورجيا أول امرأة سيناتور، ولكنها باشرت مهامها لمدة يومين فقط.

وحتى بعد أن حصلت النساء على حق التصويت في 1920، اتضحت صعوبة التغلب على الأفكار النمطية السائدة عن المرأة، فلأعوام عديدة كان مسار النساء إلى المناصب الانتخابية بالولايات المتحدة عادة ما كان حلولا مكان الزوج المتوفى، وكانت أول المناصب التي تولتها المرأة في وكالات الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة مرتبطة بالرفاهية الاجتماعية، وبين عامي 1935 و 1954 كان هناك 36 امرأة أعضاء بالكونجرس ومع ذلك فإن النشاط السياسي للنساء قفز قفزة هائلة منذ آواخر الخمسينات وخلال عقد السبعينات، زاد معدل ترشح النساء للمناصب الانتخابية وفوزهن بتلك المناصب وازداد معدل مشاركتهن في المجال العام، بدأ الناخب يعطي صوته للمرشحة ذات الدرجة الجامعية بالقانون والمرشحة ذات الخبرة السياسية لمناصب شملت حكام الولايات ومشرعي الولايات، ومقاعد الكونجرس، وانضمت 39 امرأة إلى مجلس النواب ومجلس الشيوخ حيث ساهمن بالتشريع أثناء فترة الثورة العظيمة بالولايات المتحدة، وحركة الحقوق المدنية، والاحتجاجات ضد الحرب في فيتنام، وتحرير المرأة، والثورة الجنسية، وفضيحة ووترجيت، وكذلك الجهود لإصلاح الكونجرس.

في عام 1968 أصبحت شيرلي تشيشولم أول امرأة أمريكية من أصل أفريقي تنتخب للكونجرس، واستمرت في تمثيل نيويورك لسبع دورات حتى عام 1983، كما كانت تشيشولم عضوا مؤسسا في اللجنة الحزبية البرلمانية للسود، وفي عام 1972 كان ترشيحها التاريخي عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، وقالت عن ترشيحها "أن شخصا ما يجب أن يبدأ الأمر"، وفي عام 1977 ساهمت في إنشاء اللجنة البرلمانية النسائية.

بيلا أبزوج، محامية من نيويورك تخصصت في الدفاع عن حقوق العمال والحقوق المدنية، انتخبت عضوا بالكونجرس عام 1971، ونشطت في قضية إنهاء حرب فيتنام، وقضايا حقوق المرأة واحتياجات الفئات الأشد فقرا بالمجتمع الأمريكي، ولها مقولة شهيرة "إن مكان المرأة هو البيت – بيت النواب"

بعد عقود من تحكم الناخبين الذكور المتقاعسين، بحلول عام 1980 أصبح للنساء أخيرا نفس النسبة التصويتية للرجال، الأمر الذي زاد من السطوة السياسية للنساء في الاقتراعات حيث بدأ الناس يدركون الفرق بين الجنسين – الاختلاف بين الرجال والنساء في أنماط التصويت – وتأثيره على القرار بانتخاب شخص ما وعلى أي قضايا، حيث صوت النساء بشكل مختلف خاصة بشأن القضايا المتعلقة باستخدام القوة والعدالة الاجتماعية.

في بدايات عقد التسعينات برز التحرش الجنسي كقضية محورية في المجال السياسي بعد أن اتهمت أستاذة القانون أنيتا هيل مرشح المحكمة العليا بالولايات المتحدة كلارينس توماس بالتحرش بها جنسيا عندما كان مشرفا عليها بوزارة التعليم بالولايات المتحدة وكذلك وكالة تكافؤ الفرص للتوظيف، وفاز كلارينس بالمنصب ولكن بفارق ضئيل عن أقرب منافسيه، وبدافع الغضب من المعاملة، استقبلت أنيتا في كابيتول هيل وكذلك في وسائل الإعلام الوطنية المزيد من النساء المرشحات للمناصب الرسمية في عام 1992 أكثر من ذي قبل، حيث ترشحت 39 سيدة فاز منهن 22 وحققت النساء فوزا دراماتيكيا في الكونجرس بغرفتيه، ثم أصبحت هيلاري كلينتون السيدة الأولى بالولايات المتحدة وتجاوزت العادات التي اتبعتها معظم السيدات الأول من قبل حيث كانت منشغلة بالسياسة انشغالا عميقا وكان لها دور رائد في مبادرة الرئيس كلينتون للرعاية الصحية والتي فشلت فشلا ذريعا ووقفت في صف زوجها عندما تعرض للتهديد بالاتهام الجنائي عن كذبه بخصوص علاقته مع إحدى المتدربات الصغيرات، استطاعت هيلاري مقاومة تلك العاصفة وبعد أن ترك زوجها منصب الرئيس ترشحت كنائبة عن ولاية نيويورك في عام 2000

المرأة في الانتخابات الرئاسية

كانت فيكتوريا وودهل أول مرشحة حزب الحقوق المتكافئة لانتخابات رئاسة الولايات المتحدة عام 1872، وكانت السيناتور مارجريت تشيس سميث من ولاية ماين (المرأة الوحيدة في مجلس شيوخ الولايات المتحدة الأمريكية لأعوام عديدة) كانت أول امرأة تسعى لنيل ترشيح حزب رئيسي في انتخابات الرئاسة في اجتماع الحزب الجموري عام 1964 ولكن لم تكلل جهودها بالنجاح، وفي عام 2008 وقفت هيلاري كلينتون في مواجهة باراك أوباما للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة ولكن باراك أوباما فاز بترشيح الحزب وفاز بالانتخابات كذلك، تلا ذلك بثمانية أعوام في عام 2016 سعت هيلاري كلينتون للفوز بترشيح الحزب للتنافس على مقعد الرئيس في انتخابات الرئاسة لتصبح بذلك أول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يرشحها حزب سياسي رئيس لخوض انتخابات الرئاسة، ومع ذلك وبالرغم من فوز هيلاري كلينتون بالأصوات على المستوى الشعبي في انتخابات الرئاسية في عام 2016، إلا أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب فاز بالمجمع الانتخابي وصار رئيسا للولايات المتحدة.

المرأة في الكونجرس

إجمالي النساء اللاتي خدمن بالكونجرس 325 سيدة، وفي عام 2020 وصلنا إلى أكبر نسبة تمثيل للمرأة في تاريخ الكونجرس، حيث هناك حاليا 127 نائبة بالكونجرس ولكن النسبة لا تزال 23.7% من إجمالي الأعضاء البالغ عددهم 535 عضوا، من هؤلاء السيدات 101 نائبة في مجلس النواب، و 26 سيدة في مجلس الشيوخ، وفي حين أن ذلك تحسنا هائلا في تمثيل المرأة إلا أنه لا يزال بعيد جدا عن نسبة التكافؤ بين الجنسين.

المرأة في مجلس الشيوخ

ريبيكا فيلتون هي أول امرأة تخدم في مجلس الشيوخ حيث تم تعيينها في عام 1922 لشغل مقعدا شاغرا ولكنها خدمت لمدة يومين فقط، بينما كانت أول امرأة منتخبة بمجلس شيوخ الولايات المتحدة هي هاتيي كاراواي من ولاية أركنساس في عام 1932، وكاليفورنيا هي أول ولاية مثلتها امرأتين في وقت متزامن هما دايان فينستين و باربرا بوكسر حيث انتخبتا في عام 1992، وفي عام 2016 تقاعدت بوكسر وحل محلها النائبة كامالا هاريس، وكانت كارول موسلي من ولاية ألينوي أول امرأة من ذوي البشرة السمراء تنتخب بمجلس الشيوخ في عام 1992.

المرأة في مجلس النواب

كما ذكرت سابقا، جانيت رانكين من ولاية مونتانا كان أول امرأة تنتخب بمجلس النواب في عام 1916، ونائبة الحزب الديمقراطي من ولاية كاليفورنيا نانسي بيلوسي هي المرأة الأولى والوحيدة التي عملت كمتحدثة عن مجلس النواب وقد تولت هذا المنصب مرتين، الأولى من عام 2007 إلى عام 2011، ومرة أخرى من عام 2019 وحتى الآن، وتحظى بمكانة رفيعة في تاريخ السياسة الأمريكية وهي تلي نائب الرئيس في التراتبية السياسية.

الحواجز البنيوية والهجوم على المرأة في المجال السياسي

تواجه المرأة حواجز بنيوية وهجمات بصفة يومية في مجال العمل السياسي مما لا يواجهه الرجال، حيث تتعرض المرأة للتمييز على أساس الجنس يوميا، وعادة ما تُسأل إحداهن عن نوع الحذاء الذي تنتعله، أو عمن يرعى أولادها، كما تتعرض المرأة للتنميط في وسائل الإعلام فضلا عن التحرش الجنسي، ويقع على النساء عبئ مضاعف لإثبات ذواتهن أكثر من ذلك العبء الملقى على عاتق الرجل، ويتم تقييمهن بمعايير ومقاييس أقسى من تلك التي يخضع له الرجل، كما يحصلن على دعم أقل من قادة الأحزاب، كما أن كل خطأ ترتكبه المرأة على مدى حياتها يؤخذ ضدها على العكس من الرجل، أما بالنسبة للأجور والرواتب فالمرأة أقل من الرجل في ذلك بسبب الجنس،  كما تواجه المرأة قدرا كبيرا من التحيز والتمييز سواء عن قصد أم بغير قصد، وعادة ما تتهم المرأة بكونها عاطفية أكثر من اللازم وكذلك تتهم بالضعف أو عدم التأهيل فضلا عن كثرة التشكي والبرود، وعادة ما يركز الناس على طموح المرأة وليس على تجاربها وخبراتها، وكذلك أيضا تقيم المرأة وفقا لمعايير أخلاقية أكثر صرامة (لذلك فالمرأة المرشحة لمنصب رسمي ما تخسر الكثير إذا كان تاريخها يتضمن أي قضايا غير أخلاقية)

السيناتور كمالا هاريس وجه إليها الانتقاد بأنها "أكثر ميلا لأن تغير رأيها" في إشارة إلى عدم كونها أهلا للثقة، كما تم انتقادها بأنه متقلبة المزاج، وعادة ما تتهم المرأة بعدم الموثوقية مقارنة بالرجل، فضلا عن تعرض النساء من ذوي البشرة السمراء لدرجة أشد من هذا الاتهام أكثر من النساء البيض، إن التعرض لمثل هذه الاتهامات والعمل بشكل فاعل في نفس الوقت يتطلب قدرا كبيرا من الوعي بالأولويات والقيم الشخصية والقدرة على عرضها باقتناع يوحي بالثبات وعدم تقلب المزاج، ولكن هناك وقت ما يتحتم فيه على المرأة (والرجل كذلك) تغيير المسار والاستجابة للإنتقادات وإعادة التفكير وتقييم الآراء حول القضايا المختلفة.

هذا التدقيق الزائد عن الحد الذي تتعرض له المرأة لأمور بخلاف ما رشحت أو انتخبت لأجله هو أمر في غاية الصعوبة، فما هي إذن أفضل الوسائل التي ينبغي للمرأة أن تنتهجها للتعامل مع الخبث والقسوة سواء في الحملات الانتخابية أم مجال العمل الرسمي؟ وفقا لإفادة النائبة كاثلين رايس لي في مقابلة حديثة معها قالت أن على النساء أن يكن صادقات مع أنفسهن، وأن يرتفعن عن التعليقات الجنسية وازدواجية المعايير وفي بعض الأحيان عليهن طلب العون من الإعلام والسياسيين الرجال لمواجهة ما يتعرضن له من تعليقات جنسية وازداوجية في معايير التعامل.

لقد قامت المجموعات النسائية باخطار وسائل الإعلام، فقبل حتى أن يتم إعلان ترشيح السيناتور هاريس لمنصب نائب الرئيس، أرسل عدد من رئيسات بعض المنظمات النسائية الذائعة مثل "لقد نفذ الوقت"، و "قائمة إيميلي"، و "الأبوية الممنهجة"، أرسلن كتبا إلى وسائل الإعلام لحثها على عدم إخضاع المرشح (الذي لم يعرف بعد آنذاك) "لأي من الأفكار النمطية أو المجازات بشأن مؤهلاته، أو المهارات القيادية لديه، أو مظهره أو علاقاته أو خبراته" التي قالوا بأنها قد أدت إلى "عدم التنويع في الأدوار العليا بالمجتمع"، أحد الحملات التي رفعت شعار "لقد استعدناها" أنشأت غرفة عمليات حرب لدحض وتفنيد الاتهامات بسبب الجنس في وقت حدوثها.

ما دور المرأة في السياسة؟

هناك عدد من المجالات السياسية التي يراها العامة أكثر ملائمة للنساء لما لهن من ميزات تفوق الرجال في هذه المجالات، فالنساء كونهن أكثر عطفا ورفقا يتفوقن في مجالات التفاوض وإبرام التسويات وحل المنازعات وصنع السلام، فقد أثبتت الأبحاث أن مشاركة النساء في مفاوضات السلام يزيد من احتمالات استمرار الاتفاقات الناتجة عن هذه المفاوضات، كذلك تتميز النساء في الدفاع عما يؤمنَّ به وتمثيل القدوة للأطفال والنساء الأخريات، وكذلك المحافظة على اللباقة والاحترام، كما أن النساء أكثر تميزا في التعامل مع القضايا الاجتماعية والرعاية الصحية، وعادة ما تكون النساء أكثر قوة في مجال السياسة الشعبية ويبدأن الحياة السياسية على المستوى المحلي، بينما القادة الرجال ينظر إليهم بصورة أفضل من أقرانهم النساء فيما يتعلق برغبتهم في المخاطرة، والتفاوض على الصفقات الرابحة، وكذلك أكثر كفاءة في التعامل مع قضايا الأمن القومي والدفاع، ومع ذلك يرى العامة أن زيادة أعداد النساء في المناصب القيادية الحكومية سوف يؤدي إلى تحسين جودة الحياة للمواطن الأمريكي والنساء أيضا، وقد أثبتت الأبحاث أن جنس المشرع من حيث الذكورة أو الأنوثة له أثر واضح على أولويات سياسته، إن مشاركة المرأة في الحياة السياسة أدى إلى زيادة الاستجابة لاحتياجات المواطن، وزيادة التعاون بين الأحزاب والمجموعات العرقية، وكذلك زيادة المساواة بين الجنسين.

المهارات السياسية لدى المرأة

مادلين ألبرايت، والتي شغلت منصب وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس كلينتون قالت أن المرأة في المناصب الرسمية "قادرة على أن تثير قضايا يهملها الآخرون، وأن تدعم أفكارا يعارضها الأخرون، وأن تسعى لإنهاء مخالفات يقبلها الآخرون"، إن القيم النسوية لدى المرأة عادة ما تسهم بإيجابية في عالم السياسة الذكوري، وكما ذكر أحد المعلقين "إن المرأة أقدر على تفعيل قيم العدالة والاحتواء والمرونة والتعاون والإقناع والتعاطف في بطريركية العالم السياسي، إن هذا العالم الذي تسود فيه القيم الذكورية الإيجابية مثل قيمة التركيز، ودافع التنافسية وتأكيد الذات عادة ما تنقلب إلى فساد وسلطوية وجشع، والرجال يقينا على وعي تام بالآثار السلبية لقراراتهم ولكنهم أكثر ميلا لتجاهل القضايا الأخلاقية في سعيهم لتحقيق أهدافهم التي حددوها مسبقا، إنهم يركزون فقط على النتيجة" (كارين باونز – المرأة في المجال السياسي – ما دورها؟ - 9 أغسطس 2016)

إذن فالنساء أكثر ميلا للعمل في مجموعات، وأكثر استجابة للإهتمامات الأساسية ويعملن على إحلال سلام دائم ونيل ثقة المواطن في الديمقراطية من خلال مشاركتها وإعطائها الأولوية لمجالات الصحة والتعليم والمؤشرات المفتاحية الأخرى للتنمية.

هل نصوت للمرشحة فقط لأنها امرأة؟

هذا قرار شخصي، فالبرغم من رغبتي في زيادة عدد النساء في المناصب السياسية، إلا أنني أريد التأكد من المرشحة التي سأعطيها صوتي تمتلك المؤهلات المناسبة، وكذلك شخصيتها وذكائها لتتمكن من العمل بفاعلية، ولكن هل علينا أن ندافع وندعم جميع النساء بالمناصب السياسية أو المرشحات لها في مواجهة الاتهامات والتحيز والتمييز على أساس الجنس؟ بصرف النظر عن الانتماء الحزبي مثل هذه الاتهامات ضد النساء لا يمكن دعمها، وإلى أن يصير للمرأة نسبة 51% من مقاعد الكونجرس، والمجال التجاري والمجال القانوني والمهن الطبية والمجال المالي والمناصب التنفيذية يجب علينا التعامل مع هذه القضايا.

المرأة والدراية السياسية

مقولة ميشيل أوباما "عندما يهبطون نرتفع نحن" ... والتوضيح الذي قصدته بهذا التعليق في الاجتماع القومي للحزب الديمقراطي في أغسطس الماضي قالت "لنكن واضحين: إن الارتفاع هنا لا يعني أن نبتسم ونقول كلاما منمقا في مواجهة الخبث والقسوة"، كما أردفت "إن الارتفاع هنا يعني سلوك الطريق الأصعب يعني أن ننحت طريقنا في الصخر لنصل إلى قمة الجبل، إن الارتفاع يعني أن نقف بصلابة في وجه الكراهية بينما نذكر أننا أمة واحدة تخضع للرب، ولكي ننجو يجب أن نتوصل إلى طريقة نحيا ونعمل بها سويا وأن نحترم اختلافاتنا"

لقد ثبت أن "المهارات السياسية لتطور وتقدم الحياة المهنية لدى المرأة، إن المرأة بحاجة إلى المهارة السياسية لتحصل على المعلومات الداخلية وتحقق رأس المال الاجتماعي اللازم لكسر السقف الزجاجي (ليزا ميانيرو 1994، مناقشة في الورقة البحثية لكل من جين بريتان ليزلي، ويليام أيه جينتري "المرأة والدراية السياسية" في 1 (مركز القيادة الإبداعية) ("ليزلي و جنتري")، لأن النساء يواجهن حواجز وعقبات متفردة، مثل عدم الحصول على فرص للترقي، وعدم القدرة على الوصول إلى المرشدين والموجهين أو عدم تشجيعهن للمبادرة بالمخاطرة، فمن الأهمية بمكان أن تطور المرأة درايتها السياسية.

إذن، بالنسبة للسؤال عما إذا توافرت لدى المرأة المهارات والدراية الكافية لتنجح في العمل السياسي، فما الذي يستلزمه الأمر؟ حسنا، عندما أبحث عن امرأة قوية وناجحة أجد ثلاثة نماذج على وجه الخصوص، اثنان من الشخصيات البرلمانية والثالثة عمدة مدينة كبيرة، قد أوقعن أثرا ما في نفسي مؤخرا لأتوصل إلى أن هناك مسارا واضحا للنجاح، الأول: هو تجاهل الكارهين والابتعاد عنهم، قد يبدو القول أسهل من الفعل ولكن في الواقع الأمر مهم، فدائما ستجد طغاة ينتقدونك في طريقة الملبس أو الحديث أو فيما تقول، ولكن طالما أنك تؤمن بذاتك كما هي وما تطرحه فلتنس الأمر، الثاني: حتى إذا كان لديك رؤية شاملة وإحاطة كاملة لما تريده، من الجيد أن تصل إلى هدفك خطوة بعد أخرى، أحد البرلمانيات عضوات الكونجرس التي أعجب بها والتي نجحت بسبب أفكارها الكبيرة ركزت فقط على قضية واحدة في البداية وهي قضية العنف المنزلي، حيث تبنت هذه القضية وأبلت بلاء حسنا في رفع الوعي بهذه القضية المفردة، كما كانت ناجحة في ذات الوقت، الأمر الثالث: لا يلزم أن تكون أذكى من المكان، ولكن عليك أن تكون الأكثر حماسا آمن بما تدافع عنه وآمن بذاتك وآمن بما تريد أن يصير إليه كل شخص آخر بالمكان، من الجيد أن ترفع سقف طموحاتك حتى إذا فقدت الهدف أحيانا، قس نجاحك بكم الناس الذين ألهمتهم وساعدتهم للوصول إلى مستويات أعلى وأعلى.

مواضيع مرتبطة